حققت ولاية بجاية، ذات السجل التاريخي الفاخر، مكسبا تنمويا جديدا يشكل العنوان البارز في مشهد الفصل الأخير من العام 2023 بإطلاق انجاز مشروع مكمن الزنك والرصاص بتالا حمزة وادي اميزور ليمثل ثمرة لفائدة السكان والمستثمرين والاقتصاد محليا ووطنيا.
يقع هذا المكمن على بعد 15 كلم جنوب مدينة بجاية و270 كلم شرق الجزائر العاصمة. تم اكتشافه من طرف الديوان الوطني للأبحاث الجيولوجية والمنجمية في 1989 ويقدر الاحتياطي القابل للاستغلال 34 مليون طن من احتياطي جيولوجي بـ 53 مليون طن وهو بحجم عالمي وتشير الدراسات إلى أن عمر المنجم يصل إلى 30 عاما.
وضع حجر الأساس لحظة تاريخية
بتاريخ يوم السبت 11 نوفمبر 2023، كانت المرحلة الأخيرة لمسار إعداد المشروع وتوقيع الانطلاقة بوضع وزير الطاقة والمناجم محمد عرقاب حجر الأساس على مستوى موقع الشركة صاحبة المشروع القائمة بشراكة جزائرية استرالية التي يحوز فيها الطرف الجزائري( سوناريم) 51 بالمائة من رأس المال و49 بالمائة لشركة تيرامين الاسترالية.
وتنشط تيرامين استراليا في مجال التعدين وتملك مشاريع للذهب والنحاس في جنوب استراليا باحتياطي مالي يبلغ 5 ملايين دولار وهي مدرجة في البورصة بقيمة 100 مليون دولار وينقسم رأسمالها على حوالي 2400 مساهم ويمتلك مديرو الشركة والشريك التقني 39 من الأسهم.
للمشروع أهمية اقتصادية بأبعاد اجتماعية جوارية كما يؤكده مؤشرات دراسة الجدوى خاصة مع تسجيل ارتفاع الطلب العالمي على هذه المواد الثمينة الزنك والرصاص من جانب وتحسن مؤشرات الطلب في السوق الوطنية من خلال انتعاش الصناعة وفي مقدمتها صناعة السيارات التي تشكل إحدى قاطرات النمو.
محمد عرقاب: احترام معايير البيئة أولوية
وزير الطاقة والمناجم وصف الحدث بالهام وتجسيد المشروع هو ثمرة تعاون بين مجمع سوناريم وتيرامين استراليا موضحا انه يرمي إلى استغلال مكمن الزنك والرصاص من أجل خلق قيمة مضافة وتعزيز الاقتصاد. وأكد بلغة واضحة الحرص التام على احترام معايير البيئة مضيفا أن المشروع بلغ مرحلة التجسيد بعد إتمام كل الدراسات المتعلقة بالجدوى الاقتصادية والمخاطر وصولا إلى ضبط عملية تعويض ذوي الحقوق عن املاكهم ليشرع في تطبيق قرارات التعويض عن نزع الملكية.
وتوقف الوزير عند مصادفة الحدث لشهر نوفمبر المجيد مشيرا أن العملية جاءت بعد إطلاق مشروعين بغرب البلاد (البنتونيت بتلمسان (120 ألف طن سنويا) وكربونات كلسيوم بمعسكر (10 ألف كن سنويا).
وصنّف الوزير هذه المشاريع في خانة الأولوية التي يوليها رئيس الجمهورية العناية والتابعة على غرار منجم الحديد غار جبيلات بتندوف ومشروع الفوسفات بتسبة شرق وسوق أهراس شرق البلاد وربطهما بالسكة الحديدية.
وابرز عرقاب الآثار المباشرة لمنجم تالا حمزة أميزور بتوفيره 800 منصب عمل مباشر و 4000 فرصة عمل غير مباشرة مؤكدا أن الأولوية في التوظيف تخصص للشباب من سكان المنطقة التي ستشهد ايضا انجاز وحدات للتحويل ومؤسسات مناولة محلية صغيرة ومتوسطة. ودعا عرقاب الصحافة إلى متابعة ومرافقة كل مراحل الانجاز والوقوف على كل التفاصيل حتى تتحقق الأهداف المسطرة.
الجامعة ترافق المشروع إلى النهاية
وذكر الوزير بالندوة العلمية والإعلامية التي احتضنتها جامعة عبد الرحمان ميرة بجاية يوم 7 أكتوبر الماضي بمشاركة أربعة قطاعات وزارية وخبراء والمجتمع المدني مؤكدا أن التوصيات المتوصل إليها سوف تؤخذ بعين الاعتبار.
وثمن دور السلطات المحلية والجامعة والجمعيات ومركز البحث العلمي في الدفع بمسار التنمية الاقتصادية مشيرا إلى أن تطوير الاستثمار المنجمي يمر عبر التحسين المتواصل لمناخ الاستثمار وهو ما يدرج في عمل الحكومة من خلال تطوير قانون النشاطات المنجمية الذي وجه الرئيس تبون في آخر اجتماع لمجلس الوزراء بالعمل على تعميق المقاربة.
ودعا عرقاب إلى توحيد الجهود للشروع في استغلال هذا المنجم مشددا على انجازه في الآجال المحددة ليدخل مرحلة الاستغلال في الموعد المعلن.
وعن سؤال طرحه ممثل “العصر نيوز” حول مدى ديمومة العلاقة مع الجامعة أكد عرقاب أن العلاقة ستستمر على مستوى جميع مراحل انجاز المخطط وان كل الشركات التي تدخل فيه لديها دائرة للأبحاث والتطوير وهي موجودة أيضا بجامعة بجاية ومن ثمة يكون للجامعة والبحث العلمي دور بارز في كل المراحل فالعلم أساس محوري للاستفادة من التكنولوجيات بالشراكة مع تيرامين الاسترالية عبر التكوين المتواصل الذي يسمح للجامعيين بمواكبة مسار التطور التكنولوجي وإنتاج القيمة المضافة التي تشكل ضمانة المستقبل.
خبرة في استغلال المناجم القريبة من السكان
وتابع الحضور باهتمام عرض قدمه مسؤول المؤسسة الوطنية للمنتجات المنجمية غير الحديدة والمواد النافعة (اينوف) ذكر من خلاله أن عقد الشراكة مع المتعامل الاسترالي قائمة على أساس قاعدة 51/49 وقد تم انجازه عبر اجتماعات ماراطونية.
وأوضح أن المنجم تم اكتشاف موقعه في 1989 باحتياطي قابل للاستغلال يقدر بـ 34 مليون طن من إجمالي احتياطيي 53 مليون طن. ويتميز متوسط خام الزنك بتركيز 5,5 بالمائة والرصاص بنسبة 1,1 بالمائة. وفي 2006 تأسست شركة غرب المتوسط للزنك مع الشريك تيرامين الاسترالية ذات القيمة السوقية بـ 100 مليون دولار في بروصة استراليا. وقد تحصلت على قروض من الصين ولها خبرة في استغلال المناجم القريبة من المناطق السكنية.
وأشار إلى أن مراحل الانجاز تتم وفقا لمخطط يقتضي إتمام بناء المركب المنجمي في عامين والدخول في الإنتاج في 2026 واستغلاله خلال فترة 19 سنة وبعدها يغلق لمدة 5 سنوات. ويجري العمل فيه وفقا لنظام الفرق المتداولة فيما تتمثل تقنيات الاستغلال في طريقة “الغرف المردومة” حفاظا على استقرار الأرض كما تستعمل مخلفات الاستغلال للمادة الأولية في صناعة الخزف والسيراميك.
ويتم نقل المادة المستخلصة من المنجم عبر حاويات مغلقة باحكام الى ميناء بجاية على متن شاحنات والسكة الحديدة. ويتطلع الى انجاز رصيف متخصص بميناء بجاية ورصيف للشحن بوادي غير مستقبلا.
وتقدر قيمة هذا الاستثمار بـ 471 مليون دولار منها 70 بالمائة على عاتق الشريك تيرامين مع تقديرات باستخراج 2 مليون طن من خام الزنك اما الأرباح المتوقعة فتقدر بحوالي 60 مليون دولار سنويا. والتزاما بقواعد حماية البيئة يتم تدوير 80 بالمائة من المياه المستعملة حماية لوادي الصومام علما ان المصنع يحتاج إلى 8 مناقب للمياه.
للإشارة تشمل الأشغال الأولى تركيب قاعدة الحياة ووسائل الراحة وفتح ممرات إلى المكمن وممرات إلى الطريق السريع.
أطراف المعادلة يتحدثون
والي ولاية بجاية: ديناميكية استثمارية محلية
وسط هذا المناخ الايجابي أشار والي بجاية إلى أن هذا المكسب الذي يكتسي طابعا استراتيجيا يندرج ضمن الديناميكية الاستثمارية بالولاية وهو خيار من خيارات مسارات التنمية المحلية وتنويع موارد الاقتصاد الوطني، مؤكدا المضي قدما في تنفيذ الإجراءات القانونية والتنظيمية والتقنية المتعلقة بضمان أمن وسلامة البيئة والسكان بفضل اعتماد الشركة صاحبة المشروع تقنيات حديثة في عالم المناجم.
وبعد أن ذكر بالجهود التي بذلت طيلة سنتين ماضيتين باتخاذ السلطات الولائية كل التدابير المتعلقة بجوانب التحسيس والإصغاء لانشغالات وتساؤلات السكان الذين أدركوا أهمية المشروع واطلعوا على كافة الجوانب ذات الصلة أشار إلى أن كل المتطلبات القانونية والإجرائية للمشروع تم تجسيدها ومنها تعويض السكان عن التصريح بالمنفعة العامة وتحديد الأملاك المنزوعة تحت إشراف ومتابعة خبير عقاري يقوم بمسح كل العقارات ببلديتي تالا حمزة وأميزور حيث استجاب السكان للمشروع.
رئيس المجلس الشعبي الولائي: بعد 20 سنة المشروح أصبح حقيقة
ومن جانبه بعد أن ذكر رئيس المجلس الشعبي الولائي بالإرث التاريخي للمنطقة أبدى اعتزازه بهذا المكسب الذي يحمل أبعادا ايجابية للاقتصاد مشيرا أن المشروع الذي تعطل لحوالي عشرين سنة اصبح حقيقة اليوم واعاد التذكير بالندوة العلمية التي احتضنتها جامعة عبد الرحمان ميرة بجاية في 7 اكتوبر الماضي حيث التام كل الفاعلين والشركاء لمناقشة وبحث كل الجوانب امام ثلة من الخبراء البارزين الذين اكدوا ان المنجم لا يحمل أي ضرر بيئي مطمئنين المجتمع المدني مما كما اضاف سمح بابطال التويلات السيئة كما وصفها واقفال باب الجدل واستطرد يقول لدينا قناعة بان الاستقرار يكون بالتشاور ونحن هنا للعمل وبناء المنطقة والوطن ونام لان يحقق المشروع تطلعات السكان خاصة في توسيع شبكة الكهرباء والغاز.
رئيس بلدية تالا حمزة: هذا يوم مبارك وشكرا للسكان
القى رئيس بلدية تالا حمزة كلمة قال فيها “شرف لي أن أتواجد هنا.. تالا حمزة فخورة بهذا المشروع وشرف أن أكون بينكم في يوم مبارك.. السكان فرحون بهذا المنجم.. تعبنا ووصلنا إلى المرغوب.. السكان سهلوا لنا المهمة.. الخبير العقاري يسجل تقدما في العمل والبلدية حاضرة للمواصلة”.
رئيس بلدية اميزور:
بعد أن رحب رئيس بلدية أميزور بالحضور قال “انتظرنا هذا المشروع طويلا واليوم تحقق وهذا أمر جيد.. المنطقة فلاحية ومواردها محدودة ويجب خلق الثروة للشباب.. وهذا هدفنا بالعمل يدا بيد.. وفقنا الله لهذا الخير لفائدة 45 ألف نسمة.. عملنا عن كثب مع الشركة المستثمرة.. انشغالي هو متابعة المشروع من البداية إلى النهاية لطمأنة السكان.. نثق في التكنولوجيا الحديثة.. ومبروك للمنطقة”.
رئيس مدير عام شركة تيرامين: نلتزام بالقوانين المنجمية والمعايير الدولية
عبر الرئيس المدير العام لشركة تيرامين الاسترالية قائلا “سعيد بتواجدي اليوم للاحتفال بهذا الحدث وهو افتتاح منجم تالا حمزة.. منذ 15 سنة وتيرامين تعمل مع الشركاء للالتزام بالقوانين المنجمية والمعايير الدولية. تالا حمزة أكثر من مجرد مشروع فهو التزام تجاه السكان والمجتمع والبلاد.. اشكر الحكومة ووزير الطاقة والمناجم.. لدينا خطة مع شركائنا في خلق فرص عمل والتكوين للشباب والمهندسين وتطوير الاقتصاد محليا ووطنيا.. للشركة فريق من الخبراء يواصلون تقديم التقنيات الحديثة خلال مراحل البناء والاستغلال التي ترتكز على حماية البيئة وسلامة وصحة السكان من أجل ازدهار المنطقة.. هدفنا أن تكون لهذا المشروع مصداقية عالمية ومثالا يحتذي به في الصناعة المنجمية.. نسهر على نقل التكنولوجيا إلى الجزائر فقد تحدثت مع الشريك الجزائري (سوناريم) حول بناء الشركة واستغلال المنجم واتفقنا على اعتماد برنامج للتكوين مع استقدام كفاءات دولية لتاطير العمال الجزائريين والتزم باستقدام كل التكنولوجيات المتاحة عالميا”.
الرئيس المدير العام لمجمع “سوناريم”: طرق استغلال صديقة للبيئة
“هذه مرحلة أخرى من مراحل تحقيق أهداف مجمع سوناريم لتطوير المناجم. هذا المشروع شهد لسنوات مراحل أثمرت إلى طرق استغلال صديقة للبيئة وذات اثار ايجابية للاقتصاد عامة واجتماعية لسكان المنطقة”.
المدير العام لمؤسسة “اينوف”: مناخ تنتعش من خلاله شركات المناولة
“هذا المشروع أنموذج مرجعي بتجسيده طبقا لدراسة الجدوى المعتمدة والمعايير البيئية ويسمح بتحقيق تنمية للمنطقة كلها من خلال توفير مناصب عمل وبرامج للتكوين ومناخ تنتعش من خلاله شركات المناولة كما يسمح بتموين مصنع الغزوات بالزنك وتوجيه الفائض للتصدير”.
سعيد بن عياد