صبرينة دلومي
احتضنت المكتبة الرئيسية للمطالعة العمومية مصطفى نطور بقسنطينة معرضا وطنيا للحرف التقليدية بمناسبة اليوم الوطني للحرفي 9 نوفمبر ، حيث توافد أكثر من عشرين حرفيا من مختلف ولايات الجزائر، عارضين منتجاتهم التراثية التي عكست غنى وتنوع الحرف التقليدية في البلاد.
و تميز المعرض بأجواء مفعمة بالأصالة، وبتوافد الزوار من مختلف الأعمار، الذين تجولوا بين أجنحة تزينت بأعمال فنية شملت الحلي المطرزة، والأزياء التقليدية، وحرفاً أخرى متنوعة حملت لمسات إبداعية.
وشارك في المعرض أيضاً حرفيون من فلسطين، قدموا قطعاً مميزة من التراث الفلسطيني، كالأزياء الشعبية والحلويات التقليدية، مما أضفى بُعداً ثقافياً خاصاً على الحدث وعكس عمق العلاقة بين الشعبين، حيث امتزجت روح التراث الفلسطيني مع نظيره الجزائري في مشهد يجسد الروابط الثقافية المشتركة.
“إبداعات التراث والاستدامة في معرض الحرف بقسنطينة”
“العصر نيوز” زارت المعرض وتجولت بين أجنحته، حيث حظي الزوار بفرصة استثنائية لاكتشاف إبداعات فنية متنوعة عكست براعة الحرفيين.
على طول الأروقة، استعرض الحرفيون أعمالاً فريدة مصنوعة من خامات محلية، بعضها مزج بين عناصر مختلفة لإضفاء لمسة إبداعية حديثة على الحرف التقليدية، مع الحفاظ على أصالتها.
من جهة أخرى، أبدع بعض الحرفيون في استخدام بقايا المواد والمواد المهملة، محولين إياها إلى قطع فنية معاد تدويرها بتصاميم مبتكرة، مما عزز قيمة التدوير وشجع على ثقافة الرسكلة، ليؤكدوا بذلك على أهمية حماية البيئة ودمج الإبداع بالاستدامة.
“لباس قسنطيني أصيل يضيء معرض الصناعات الحرفية”
ومن بين المشاركين البارزين في المعرض، قدم نذير من ولاية قسنطينة قطعاً تراثية عريقة تمثل إرث المنطقة، من بينها “قدورة القطيفة” المزينة بخيوط ذهبية تبرز لمسة من الفخامة والأصالة في المناسبات الخاصة، كما عرض نذير مجموعة من الحلي التقليدية، مثل “السخاب” و”المخبل”، التي اعتادت نساء قسنطينة التزين بها منذ عقود، حيث تعتبر من أروع رموز التراث المحلي وتعكس عراقة المدينة وتقاليدها العريقة.
ولم يخل جناحه من “الوسادة الذهبية”، وهي الوسادة التي تضع العروس يديها عليها أثناء الحناء، أحد أبرز طقوس الزواج في المنطقة.
وفي تصريح خاص لـ “العصر نيوز”، عبر نذير عن أسفه لتراجع الاهتمام بهذه العادات الأصيلة بين الأسر الجزائرية، مشيراً إلى أن التحولات الاجتماعية وأسلوب الحياة الحديث قلصا من تمسك العائلات بتقاليد الأعراس والحرف اليدوية.
وأكد نذير على أهمية الحفاظ على هذا التراث وتوريثه للأجيال القادمة، قائلاً: “هذه الحرف التقليدية تمثل هويتنا وتاريخنا، وينبغي أن نبذل قصارى جهدنا لتظل حية في قلوبنا، لتبقى شاهدة على أصالة شعبنا وتراثه الغني.”
“التراث الفلسطيني يتألق في معرض الحرف اليدوية بقسنطينة”
شهدت المكتبة الرئيسية للمطالعة العمومية مصطفى نطور بقسنطينة حضوراً فلسطينياً مميزاً في إطار المعرض الوطني للحرف اليدوية، حيث شارك جهاد الطالب الفلسطيني بجامعة قسنطينة 2، بمشروعه “جفرا” الذي يهدف لإبراز التراث الفلسطيني الأصيل.
من خلال جناحه، عرّف جهاد الزوار على جوانب مختلفة من التراث الفلسطيني، مؤكداً عمق الروابط الثقافية بين الشعبين الجزائري والفلسطيني ومعبراً عن فخره بأصالته وجذوره.
وأشار جهاد إلى أن “جفرا” جاء كمبادرة للحفاظ على التراث الفلسطيني وتوثيقه، مستعرضاً أزياء فلسطينية تقليدية غنية بالتطريزات اليدوية والزخارف التي تجسد هوية المدن الفلسطينية العريقة.
كما شدد على أهمية هذا المشروع في التصدي لمحاولات سرقة التراث الفلسطيني وطمس هويته من قبل الاحتلال الصهيوني ، معتبراً أن هذه المشاركة في المعرض تُبرز هذا الجانب وتساعد في الحفاظ عليه للأجيال القادمة.
حظيت القطع المطرزة باهتمام وإعجاب الزوار، إذ وصف جهاد “الثوب الفلسطيني” بأنه ليس مجرد لباس تقليدي، بل رمز للهوية والتاريخ الفلسطيني، حاملًا دلالات اجتماعية وجغرافية تعبّر عن الانتماء. كما أضاف جهاد لمسة لاقت تفاعلاً واسعاً من خلال تقديم بعض الحلويات الفلسطينية الشهيرة، مانحاً الزوار تجربة مفعمة بالنكهات الأصيلة التي تجسد جانباً آخر من الثقافة الفلسطينية العريقة.
“إبداعات حرفية تمزج بين الأصالة والحداثة تجذب أنظار زوار قسنطينة”
أبهرت لمسات فنية متقنة، زوار المكتبة الرئيسية للمطالعة العمومية مصطفى نطور بقسنطينة، حيث قدمت مشاركات بارزات إبداعات حرفية تجسد العراقة وتتناغم مع الجمال المعاصر، ما أضفى على الأجواء طابعاً مميزاً وراقياً.
منيرة كحول، طبيبة أسنان متقاعدة، برزت بقطع مجوهرات يدوية مصنوعة من خيوط الفضة والنحاس، إلى جانب الأحجار الطبيعية التي أضفت على كل قطعة طابعاً فريداً، مشيرة إلى أن العمل اليدوي يمنح كل قطعة طابعها الخاص وأصالتها.
كذلك، لفتت خديجة محمد سعدي أنظار الزوار بحلي مميزة جمعت فيها بين أصداف البحر التي يجمعها زوجها من الأعماق والفضة، لتصنع قطعاً تعكس روعة البيئة البحرية وتجذب اهتمام السائحات الباحثات عن قطع فريدة تحاكي التراث البحري.
كما عرضت إحدى المشاركات أعمالاً فنية متنوعة تعتمد على الرسم على الخشب والسيراميك، مستوحية تصاميمها من جمال الأزهار والورود.
وأوضحت أن اعتماد تقنيات الرسم الإنجليزية على السيراميك يضفي طابعاً من الأصالة على منتجاتها، ما يجذب أنظار الزوار ويلاقي إعجابهم، ويؤكد على جمال الفنون التقليدية التي تستمر بجاذبيتها وسط أجواء الحرف العصرية.
إعادة التدوير تتحول إلى فن: إبداعات مبتكرة من المواد المستهلكة”
في المعرض، قدمت إحدى الحرفيات إبداعات فنية فريدة من نوعها، حيث أظهرت مهارتها في تحويل مواد بسيطة، مثل الأوراق القديمة، إلى قطع فنية رائعة، عبرت عن براعتها في إعادة تدوير هذه المواد، مبتكرة سلات وأشكال متعددة تزينت بتفاصيل دقيقة تعكس جمال فنها وإبداعها في صناعة الأشياء من المواد المستهلكة.
وأوضحت الحرفية في حديثها أنها تسعى للحفاظ على البيئة من خلال إعادة تدوير المواد التي يراها البعض عديمة الفائدة، مما يمنحها حياة جديدة ويحولها إلى قطع فنية تحاكي ذوق الزوار من مختلف الأعمار.
لونيس يعو: الحرف الجزائرية ركيزة أساسية في الحفاظ على الهوية الثقافية
في تصريح له خلال المعرض الذي نظّم بمناسبة اليوم الوطني للحرفي في قسنطينة، أكّد رئيس جمعية نوميديا للفنون، لونيس يعو، على الدور الحيوي الذي تلعبه الحرف التقليدية في الحفاظ على التراث الثقافي الجزائري، واعتبر الحرفيين حماة هذا التراث، سواء كان ماديًا أو لاماديًا.
وأوضح يعو أن المعرض يمثل منصة مثالية لتعريف الجمهور بالعديد من الحرف التي تشكل جزءًا من هوية الجزائر الثقافية، مشيرًا إلى أهمية دمج هذه الحرف مع الابتكار ودمج اللمسات العصرية للمحافظة عليها واستمرارها.
وأشار إلى أن المعرض ليس مجرد حدث لعرض الأعمال، بل هو فرصة لتوثيق الحرف التقليدية من خلال وسائل الإعلام الحديثة والكتب، وذلك لضمان نقل هذه الفنون للأجيال القادمة.
وأكد على أهمية مشاركة الحرفيين في مثل هذه المناسبات لتسليط الضوء على إبداعاتهم وجهودهم المستمرة للحفاظ على التراث، خاصة في ظل التحديات التي تواجهها الحرف التقليدية في العصر الراهن.
أسماء بوعبلو: المعارض ضرورة لتعزيز الحرف التقليدية الجزائرية
أشارت المهندسة المعمارية والحرفية أسماء بوعبلو، صاحبة “دار بلادي”، إلى أهمية تنظيم معارض دائمة لتسليط الضوء على المنتجات المحلية والحرف التقليدية.
و في تصريح لها خلال المعرض الوطني للحرفي بمناسبة اليوم الوطني للحرفي، قالت بوعبلو إن الحرفيين بحاجة إلى هذه الفعاليات بشكل مستمر للترويج لمنتجاتهم، خاصة بعد إدخال عناصر عصرية أضافت رونقًا وجمالًا على الحرف التقليدية.
و أعربت المتحدثة عن شكرها لمديرة المكتبة الرئيسية للمطالعة العمومية في قسنطينة، التي استضافت المعرض، مشيرة إلى أهمية مثل هذه الأنشطة في دعم الحرفيين وتشجيعهم على الابتكار.
وأضافت أن هذه المعارض لا تقتصر على إبراز التراث الحرفي الجزائري، بل تلعب دورًا كبيرًا في ربط الأجيال الجديدة بتاريخها وهويتها الثقافية.
درواز: التوثيق ركيزة أساسية لحفظ التراث الحرفي
في تصريحها خلال المعرض، أكدت وافية درواز، مديرة المكتبة الرئيسية للمطالعة العمومية في قسنطينة، أن المكتبة اختارت شعار “حرفنا في كتابنا” لتوثيق الحرف التقليدية الجزائرية، وذلك لضمان بقاء هذا التراث حيًا ومتنوعًا.
وأوضحت درواز أن التوثيق يعد وسيلة أساسية للحفاظ على هذه الحرف وجعلها جزءًا لا يتجزأ من الهوية الثقافية الجزائرية.
وأشارت إلى أن المعرض يهدف إلى زيادة الوعي العام حول أهمية الحرف التقليدية في تشكيل الهوية الوطنية، موضحة أن الفعاليات الثقافية تلعب دورًا مهمًا في تعريف الأجيال الجديدة بهذا التراث من خلال أساليب عصرية، مؤكدة أن دعم الحرفيين لا يقتصر على إبراز إبداعهم، بل يشمل أيضًا تطوير هذه الحرف على الصعيدين الاقتصادي والثقافي، معبرة عن فخر المكتبة باستضافة هذا النوع من الفعاليات التي تسهم في إبراز التراث الجزائري.