دخل العدوان الصهيوني على قطاع غزة, الثلاثاء, يومه الـ46 بمزيد من القصف لشمال القطاع وجنوبه, مع استهداف ممنهج للمستشفيات, وهو ما حدث مع المستشفى الاندونيسي الذي شهد يوما دمويا, ينضاف الى المجازر اللامتناهية التي يمضي جيش الاحتلال في اقترافها بحق المدنيين العزل, ضمن مخططه الدموي الهادف الى مسح الوجود الفلسطيني.
ويبدو أن لا أحد يوقف آلة الاجرام الصهيونية العمياء التي تضرب المرضى والجرحى والنازحين والاطقم الطبية, وتستهدف المستشفيات والمدارس التي يحتمون اليها هربا من جحيم القصف المكثف وعمليات القنص, وتتعمد ابادتهم بدم بارد, بشن المزيد من الغارات والأحزمة النارية, ودك المنازل ومراكز الإيواء على رؤوس ساكنيها, مع توغلات برية من عدة محاور.
وفي سياق التطورات الميدانية, أفادت مصادر طبية فلسطينية باستشهاد و إصابة العشرات من المرضى والأطقم الطبية في قصف صهيوني على مشفى “العودة”, شمال قطاع غزة, كما شنت طائرات الاحتلال صباح اليوم غارات على بلدة “بني سهيلا”, شرق خان يونس, جنوبا, مع قصف طائرات الاحتلال مدرسة تؤوي نازحين في منطقة الفالوجة غرب مخيم “جباليا”, شمالي قطاع غزة, خلف عشرات الشهداء و اصابة العديد من النازحين من الاطفال والنساء, كما ارتقى عدد من الشهداء جراء قصف للاحتلال طال 9 منازل على الأقل في بيت لاهيا بنفس المنطقة.
وأدت سلسلة الغارات وسط قطاع غزة أيضا, بالتزامن مع قصف جوي لمنزل في مخيم “النصيرات”, الى استشهاد 17 مواطنا و اصابة آخرين من بينهم أطفال ونساء, ولا يزال العشرات تحت الأنقاض, فيما استشهد 20 فلسطينيا في غارتين شنهما الطيران الحربي الصهيوني على مدرسة مخيم “البريج”.
وتواصل قوات الاحتلال توغلها البري في العديد من محاور قطاع غزة, خاصة محافظة شمال قطاع غزة ومدينة غزة, وتجابهه مقاومة فلسطينية شرسة لا تزال مستمرة في كل محاور التوغل, تمكنت خلالها من تدمير أكثر من 250 آلية عسكرية بين تدمير كلي وجزئي, وتكبيد جيش الاحتلال خسائر فادحة في صفوفه.
“المستشفى الاندونيسي” تحت الحصار والنار
وفي أحدث التطورات, قالت مصادر طبية فلسطينية أن الاحتلال الصهيوني يفرض منذ صباح يوم أمس حصارا على المستشفى الإندونيسي بمخيم “جباليا”, وتم تدمير بعض المباني فيه, فيما لم تسلم المباني الأخرى التابعة له من نيران القناصة, وذلك بعد ساعات من تعرضه الى قصف صهيوني دامي خلف 12 شهيدا على الأقل والعديد من الجرحى, وسط مخاوف من ارتكاب مجزرة جديدة بحق الموجودين داخله.
وتشير ذات المصادر الى وجود نحو 600 مريض ومصاب وطواقم طبية إضافة إلى النازحين, داخل المستشفى, فيما أجبر أكثر من 200 جريح ومريض ونازح على الإجلاء نحو مستشفى ناصر وغزة.
وبات المستشفى الاندونيسي الأهم في مناطق مدينة غزة وشمال القطاع بعد توقف مجمع الشفاء الطبي عن العمل, إثر اقتحامه من طرف القوات الصهيونية بعد 9 أيام من الحصار وإخلائه من الجرحى والمرضى والأطقم الطبية بشكل شبه كامل.
وفي سياق المخططات الصهيونية المدمرة التي تستهدفها بشكل ممنهج, توشك المنظومة الصحية في قطاع غزة على الانهيار الكامل, إذ خرج حتى يوم الثلاثاء 28 مستشفى عن الخدمة من إجمالي 35, وفق أرقام رسمية, وذلك إما بسبب القصف الجوي الصهيوني أو اقتحامها وإخلائها, أو جراء نفاد الوقود والمستلزمات الطبية.
ولم تكن مستشفيات الجنوب بمنأى عن الحصار والدمار, حيث تتعرض الكثير منها للقصف الجوي الصهيوني وتعاني من نفاد الوقود والمستلزمات الطبية والاكتظاظ الشديد نتيجة للنزوح الجماعي القسري من الشمال, ما أدى إلى خروج الكثير منها عن الخدمة.
وأمام الوضع الكارثي, حذرت منظمات أممية من أن “مأساة صحية” ترتسم في قطاع غزة, منبهة الى أنه اذا “لم يتوافر الوقود بكميات كافية فسنشهد انهيار مرافق الصرف الصحي وسيصبح لدينا, إضافة إلى القذائف والقنابل, الظروف المواتية لانتشار الأمراض وحصول مأساة”.
اجتماع للجنة الوزارية العربية الإسلامية مع لافروف
اجتمعت اللجنة الوزارية المكلفة من القمة العربية الاسلامية الاستثنائية لبلورة تحرك دولي لوقف العدوان الصهيوني على قطاع غزة, يوم الثلاثاء بموسكو مع وزير خارجية روسيا, سيرغي لافروف.
وشدد لافروف خلال الاجتماع على ان “الأولوية اليوم هي لوقف إطلاق النار في غزة”, لافتا إلى أن حجم المساعدات الإنسانية التي تصل إلى القطاع “قليلة”.
وندد بـ”كل مظاهر الإرهاب الذي لا يزال يأخذ صورة العقاب الجماعي”. من جانبه, قال فيصل بن فرحان, وزير الخارجية السعودي: “يجب أن تكون الأولوية لحماية المدنيين ووقف الانتهاكات (الصهيونية) المتواصلة”, مضيفا أنه “لا يمكن الحديث عن مستقبل غزة قبل وقف إطلاق النار”.
وشدد على أنه “لا يمكن تبرير المأساة الإنسانية في غزة بالدفاع عن النفس”, داعيا الى “وجوب إطلاق عملية سلام جادة”.
وتضم اللجنة, وزراء خارجية السعودية ومصر والأردن وفلسطين وإندونيسيا, والأمين العام لمنظمة التعاون الإسلامي, وتشكلت بموجب قرار القمة العربية الإسلامية الأخيرة بهدف العمل على وقف العدوان الصهيوني على قطاع غزة.
وتعد موسكو ثاني محطة للجنة الوزارية, حيث استهلت جولتها أمس الاثنين ببكين, أين تم التأكيد على أهمية الوقف الفوري للعدوان الصهيوني والتهجير القسري للفلسطينيين من قطاع غزة, وتأمين ممرات آمنة لإدخال المساعدات الإنسانية والغذائية والطبية العاجلة, و إعادة إحياء مسار عملية السلام وفقا للقرارات الدولية, بما يضمن حقوق الشعب الفلسطيني و إقامة دولته المستقلة وعاصمتها القدس الشرقية.
(واج)