الأستاذ قادري أعمر*
يشكل نشر وتكريس الثقافة القانونية في أوساط المجتمع أحد الرهانات التي يستوجب أن يتعامل معها الإعلام من خلال العمل على إيصال رسالتها إلى المواطن لتمكينه من اكتساب مناعة قانونية تسمح له بمواجهة التحديات الاجتماعية بحيث يمكن صون الحقوق وحماية الحريات تحت مظلة القانون.
في هذا السياق وتعميما للفائدة تنشر جريدة “العصر نيوز” في عددها الأول دراسة أعدها الأستاذ قادري أحمد حول قانون الأسرة باعتبارها الخلية الأساسية للمجتمع، منطلقا في الغوص في أحكامه من بوابة القانون المدني.
الحلقة الثانية
الخطبة
أولا: الوعد بالعقد: الوعد هو اتفاق بين الطرفين على الإقدام على تصرف معين كأن يعلن مالك سيارة رغبته في بيعها ويظهر الطرف الآخر رغبته في شرائها دون مناقشة الأمور الجوهرية: كثمن المبيع وكيفية دفعه والمدة وتاريخ اللقاء، إذن نحن أمام مجرد عقد تمهيدي (وعد) وليس نهائي لأن هذا الأخير يتطلب اتفاق ارادتين حول أغلب الأمور الجوهرية.
ثانيا- الخطبة:
1-لغة: هي مصدر الفعل ” خطب” بفتح حروفه الثلاثة وتعنى بها المرحلة الاولى التي يقدم عليها الرجل لإطهار نيته في طلب يد المرأة.
2-اصطلاحا: حسب ما جاء في قانون الأسرة الجزائري فإن الخطبة إجراء تمهيدي يقوم به الطرفان ” الخطيبان” للتعرف على بعضهما المادة 5 قانون الأسرة ” “الخطبة وعد بالزواج”.
3-العدول عن الخطبة: إن الخطبة هي وعد متبادل بين الخاطب والمخطوبة وهذا للقيام بإجراء عقد الزواج مستقبلا ولهذا يجوز لكل من الخاطب والمخطوبة العدول عن الخطبة أي الرجوع عن وعده وقد أباح المشرع ذلك للطرفين على حد سواء وهذا ما تؤكده المادة 5 قانون الأسرة حيث تنص ” الخطبة وعد بالزواج .
يجوز للطرفين العدول عن الخطبة”.
اذا كان العدول عن الخطبة امر مباح لكن اذا وقع تبادل الهدايا بينهما فالأمر ينشئ حق الرجل في استرداد الهدايا وحق المرأة متى أمكن ذلك.
(أ)- حق الخاطب في استرداد الهدايا: يعد عدم الوفاء بالعهد تغرير للخطيبة وخديعة لها إذا أطال الخاطب المدة قبل فسخ الخطبة. الأصل لهذا التصرف نجده فعلا مشروعا لأن المشرع قد أباح ذلك في المادة5 قانون الأسرة ويكون بذلك الخطيب قد استعمل حقه لكن هذا العدول قد ينتج عنه ضررا لاحد الخاطبين، فتقضي بذلك قواعد العدالة وروح القانون جبره وهذا الجبر يكون في صورتين:
(أ1)-حرمان الرجل من استرداد الهدايا ( وفق المذهب المالكي) التي قدمها لخطيبته مع إضافة جزء مالي يراه القاضي مناسبا.
(أ2)-إذا كان الرجل لم يقدم هدايا يكون للقاضي السلطة التقديرية لتحديد التعويض الذي يراه مناسبا.
(ب)– حق الخطيبة في عدم إرجاع الهدايا: للخطيبة حق العدول عن الزواج بالطرف الأخر لكن من جهة اخرى الزمها المشرع بإعادة الهدايا أو ما تبقي منها. اما ما تكون قد استهلكته فإنه ينعدم حق الرجل في المطالبة به. وهذا ما نصت عليه المادة 5/ف4 قانون الأسرة ” لا يسترد الخاطب من المخطوبة شيئا مما أهداها ان كان العدول منه، وعليه ان يرد للمخطوبة ما لم يستهلك مما اهدته له أو قيمته”.
(ب1)– الضرر الناتج عن العدول وكيفية التعويض عنه: قد يصيب احد الخطيبين ضررا من جراء عدول أحداهما عن اتمام وعده لهذا نجد المشرع قد نص على التعويض عنه وهنا نعني بالتعويض عن العدول لأن هذا الأخير حق يحميه القانون والتعويض هنا يخص الضرر الذي قد ينجم عن الأفعال المصاحبة للعدول ذاته كالتطاول على سمعة الخطيبة في الوسط الذي تعيش فيه.
والمشرع الجزائري قد نص على التعويض عن الضرر المادي والضرر المعنوي معا وهذا في المادة 5/ف3 قانون الأسرة إذ نص ” إذا ترتب عن العدول عن الخطبة ضرر مادي أو معنوي للأحد الطرفين جاز الحكم له بالتعويض” فالضرر يمكن أن يكون ماديا أو معنويا.
(ب2)– الضرر المادي: هو ما يصيب الشخص في جسمه أو في ماله كأن يصرف الخطيب أموالا باهظة في الهدايا أو يمنح هبة معتبرة للخطيبة أملا منه الزواج بها.
(ب3)– الضرر المعنوي: هو تلك الالآم التي تمس عاطفة الانسان عن الطعن في سمعته أو شرفه. والمشرع بنصه على التعويض لم يوجبه وانما جعله جائزا المادة 5/ف2 قانون الأسرة ” ………جاز الحكم بالتعويض” ووفق المادة 130 قانون مدني ” من سبب ضررا للغير ليتفادى ضررا أكبر محدقا به أو بغيره لا يكون ملزما إلا بالتعويض الذي يراه القاضي مناسبا”.
الزواج
أولا: أركان عقد الزواج: تتمثل في أجزائه التي يتركب منها ويتحقق بها وجوده وانعقاده وبدونها لا يتحقق ولا يوجد عقد الزواج ويلزم لصحته توفر مجموعة من الأركان ويطلق على الركن: الجانب القوي في الشيء كقولنا عن زوايا البيت انها ركن فبانعدامها يصبح لا وجود للبيت اطلاقا.
حيث نص المشرع الجزائري على أركان عقد الزواج في المادة9 قانون الأسرة ” ينعقد الزواج بتبادل رضا الزوجين”.
المادة 09 مكر قانون الأسرة ” يجب أن تتوفر في عقد الزواج الشروط التالية:
– أهلية الزواج،
– الصداق،
-الولي،
-شاهدان،
-انعدام الموانع الشرعية للزواج.
– ورتب الفسخ على تخلف احدها وان تخلف اثنان فالجزاء هو البطلان.
1-الرضا: لا يمكن للعقد ان يكتب له وجود الا بصدور الرضا الذي هو أساس جميع العقود فمتى صدرت إرادة الطرف الثاني( تعرف بالقبول) مطابقة للإرادة الأولى( تعرف بالإيجاب) قلنا ان ركن الرضا قد تم.
– وبما ان عقد الزواج من العقود الثنائية فلا بد من طرفين موجب وقابل ولا يوجد شرعا الا بتحقيق العناصر التالية وهي:
(أ)- العاقدان: الرجل والمرأة أو من ينوب عنهما وفيهما شروط اشترطها في كل واحدمنهما وشروط خاصة بعقد الزواج وأهمهما الأهلية.
(ب)_أهلية الزواج: لا بد ان يكون الطرفان المقبلان على الزواج أهلا لذلك فالأهلية ضرورية لأنها تعبر عن صلاحية الشخص لتلقي الحقوق وتحمل الواجبات فكل ارادة تم التعبير عنها سواء كانت إيجابا أو قبولا ومتى كانت صادرة عن أهلية كاملة خالية من الموانع والعوارض حققت الآثار القانونية المطلوبة منها وارتفعت إلى درجة التصرف المطلوب المنتج للمراكز القانونية .
والمشرع سوى اهلية الطرفين في المادة 7 قانون الأسرة: (تكتمل أهلية الرجل والمرأة في الزواج بتمام 19 سنة وللقاضي أن يرخص بالزواج قبل ذلك لمصلحة أو ضرورة متى تأكدت قدرة الطرفين على الزواج).
(ب1)_عدم اتفاق الفقه الإسلامي على سنة واحدة بل جعلوها 15 سنة عند الجمهور و18 سنة عند مالك للفتى والفتاة معا.
(ب2)_قانون الأسرة يترك الأمر للقاضي أن يرخص بالزواج قبل السن المحددة إذا رأى في ذلك مصلحة أو ضرورة وذلك كما في حالة خطف القاصرة وعرض الذي خطفها بعد ضبطه الزواج منها وقبول ذويها لذلك العرض فيعتبر الزواج صحيحا كما لو كان شرط السن مستوفي ويتعين على ضابط الأحوال المدنية قيده وتوثيقه مادام قد قدم له ترخيص من القاضي.
(ت)_المعقود عليه (المحل): وان كان في الظاهر هو شخص المخطوبة ولكن يمتد الى إباحة الاستمتاع الذي يقصده الزوجان من عقد الزواج للتعاون عن الحياة المشتركة الدائمة وإنجاب النسل الصالح للمجتمع.
(ث)_صيغة العقد: وهي الإيجاب والقبول الدليلان الظاهران على تحقق الإرادة والرضا في نفس كل من المتعاقدين حيث الإرادة و الرضا أمران مستتران لا يمكن الاطلاع عليهما الا بما يدل عليها من قول أو فعل فكانت الصيغة دليلا عليهما.
وعليه حتى ينتج القبول والإيجاب اثرهما لا بد من توافر شروط وهي:
(ث1)_ توافق الايجاب والقبول: بحيث يتحدان اتحادا لا يدع مجالا للشك وهذا يستلزم صيغة يستعملها الموجب للتعبير عن ارادته والقابل للتعبير عن ارادة قبوله.
فالخاطب يستعملها مباشرة مثلا ” اريد ان تزوجني ابنتك فلانة” ويقول الثاني ” رضيت” أو “قبلت” أو في معناها مما لا يدع شكا في انعقاد العقد.
(ث2)_حصول الايجاب والقبول في مجلس واحد: عند الخطبة جرت العادة في مجتمعنا أن يجتمع الخاطب والولي أمام عدد من الافراد بحيث يعلن الخاطب ارادته إلى ولي المخطوبة ويذكر اسمها امامهم ويحددان الصداق او يعلنان عن تسميته بينهما على مسمع من الجميع ويرد عليه ولي المخطوبة وهنا يلتقي الإيجاب بالقبول في عقد النكاح لفظا في مجلس العقد.
(ث3)_علم الطرفين وفهمهما: أجاز المشرع للعاجز ان يعبر على ارادته في عقد النكاح بكل وسيلة من شأنها ان تدخل على قصد سواء كان العجز لغويا كما لو كان لا يعرف اللغة العربية مثلا أو عجزا جسميا كالأخرس.
وعليه متى التقى الإيجاب بالقبول نشأ عقد النكاح المادة 10/ف1 قانون الأسرة ” يكون الرضا بإيجاب من احد الطرفين وقبول من الطرف الثاني بكل لفظ يفيد معنى النكاح شرعا”.
كما ان المشرع الجزائري أباح لمن لا يستطيع النطق صراحة لكونه عاجزا كالأخرس ان يعلن عن ارادته المتجهة إلى احداث اثر قانوني بجميع الوسائل التي تفيد معنى النكاح و ذلك طبقا لنص المادة 10/ف2 قانون الأسرة “ويصح الايجاب و القبول من العاجز بكل ما يفيد معنى النكاح لغة أو عرفا كالكتابة والإشارة”.
2- الصداق: المهر هو الحق المالي الذي تستحقه الزوجة علي زوجها لحصول العقد عليها أو الدخول بها وهو واجب لقوله تعالى ” وأوتوا النساء صدقاتهن نحلة” (سورة النساء الآية رقم 4) والمقصود بـ ” نحلة ” هو أن النحلة ما يمنح عن طيب نفس دون أن يكون عوضا عن شيء.
فالمهر إذن يعبر عن المحبة والتقدير وليس ثمنا أو عوضا عن شيء يملكه الرجل في المرأة كما يعتقد البعض من الناس.
لقد نص القرآن على المهر دون تحديد للمقدار الواجب الدفع، كما أن المهر يصلح أن يكون من كل شيء له قيمة سواء كان من المال أو المعادن كالذهب والفضة أو كان من المكيلات كالحبوب …إلخ . والحقيقة أن المهر ينظر إليه من زاوية واحدة فقط هي التحديد أو عدمه، فيعرف الصداق المحدد، بصداق ” المسمى ” ويسمى الصداق غير المحدد بصداق “المثل “.
(أ)-الصداق المسمى: وهو الصداق المحدد بنوعه إذا كان من الأشياء التي تحدد بنوعيها كالسيارات والأقمشة …الخ. أو تكون بحجمها أو مقدارها حسب طبيعة الشيء المراد تقديمه صداقا للزوجة، ويكون الصداق قد سمي عندما يقول ولي الزوجة “زوجتك بنتي بصداق قيمته مئتا ألف دينار جزائري مثلا “.
(ب)- صداق المثل: لا يثار الكلام عن صداق المثل إلا في حالة سكوت الزوج وولي الزوجة عن ذكره أثناء العقد أو في الفترة الواقعة قبل الدخول وبعد انعقاد العقد أو بعد البناء على الزوجة.
غير أن المشرع الجزائري لم يأخذ بصداق المثل قبل الدخول لأنه واجب التسمية المادة 33/ف2 قانون الأسرة ( اذا تم الزواح بدون شاهدين أو صداق أو ولي في حالة وجوبه، يفسخ قبل الدخول ولا صداق فيه، ويثبت بعد الدخول بصداق المثل )
ويتحدد صداق المثل بالقيمة التي تزوجت بها امرأة أخرى من أهلها بحيث تقاس بندها.
(ت)- تعجيل وتأخير المهر: يجب تحديد الصداق في العقد سواء كان معجلا أو مؤجلا. والتحديد كما سبق شرحه هو تسمية أو تعيين لمقدار ما يدفعه الرجل للمرأة ولكن يجوز تأجيل دفع المهر متى كان الرجل عاجزا على دفعه في حال العقد أو اتفقا على تأخيره لعدم إمكان وجوده عينا، فالتأجيل يكون وفق القانون الجزائري بالاتفاق فقط، المادة 15 قانون الأسرة (يحدد الصداق في العقد سواء كان معجلا أو مؤجلا، في حالة عدم تحديد قيمة الصداق ، تستحق الزوجة صداق المثل).
وحسب فقهاء الشريعة الإسلامية فإنهم يرون التأجيل في حالتين:
(ت1)- أن يتفق الطرفان أو من ينوب عنهما عن تأجيل الصداق.
(ت2)-أن يسكتا عليه ولم يحدده في العقد نهائيا.
3- الولي: الولاية حق شرعي ينفذ بمقتضاه الأمر على الغير جبرا وتنقسم الولاية إلى ولاية عامة وولاية خاصة وهذه الأخيرة هي ولاية على النفس وولاية على المال، والولاية على النفس هي المقصودة هنا، أي ولاية على النفس في الزواح .
(أ)- الشروط الواجب توافرها في الولي: الولاية بوصفها سلطة يمنحها القانون لشخص على آخر لقيام أسبابها فإنه قد قصرها على من استوفي الشروط التالية:.
(أ1)- كمال الأهلية: وتكون بالبلوغ وكمال العقل والحرية فلا ولاية للصبي والمجنون المعتوه (ضعيف العقل) والسكران وكذلك كبير السن وفاسد في العقل والرقيق لأنه لا ولاية لهؤلاء على أنفسهم.
(أ2)- الإسلام: اتفاق الدين والمولى عليه فلا ولاية لغير المسلم على المسلم ولا للمسلم على غير المسلم لقوله تعالى” والمؤمنون والمؤمنات بعضهم أولياء بعض“. و قوله تعالى” والذين كفروا بعضهم أولياء بعض“.
(أ3)- القرابة: القرابة صلة دموية تصل الشخص بغيره وخصائصها أن القريب يتوفر على قدر كبير من الرحمة والشفقة على قريبه.
وحسب المادة11 قانون الأسرة فإن الولي هو الأب “تعقد المرأة الراشدة زواجها بحضور وليها وهو أبوها أو أحد أقاربها أو أي شخص آخر تختاره.
دون الإخلال بأحكام المادة 7 من هذا القانون، يتولى زواج القصر لأوليائهم وهم الأب، فأحد الأقارب الأولين والقاضي ولي من لا ولي له.”
فالولاية للأب أو الجد من جهة الأب أو الام” أب الأب وأب الأم” لأن هذا الأخير لا فرق بينه وبين أب الأب من حيث العطف عليها. وإذا انعدم الأب فإن ولي المولى عليها حسب ترتيب قرابة الورثة الذكور الاولين:
(أ3-1)- الابن وإن نزل.
(أ3-2)- الأخ الشقيق والأخ الأب وأبناؤهما وإن نزلوا.
(أ3-3)- العم الشقيق وأبناؤهما وإن نزلوا.
(أ3-4)- المعتق وعصبته النسبية.
(أ3-5)- القاضي لأنه نائب على جماعة المسلمين.
(ب)-نطاق سلطة الولي على من في ولايته بالنسبة للزواج: جاء في نص المادة 13 قانون الأسرة (لا يجوز للولي أبا كان أو غيره، أن يجبر القاصرة التي هي في ولايته على الزواج، ولا يجوز له أن يزوجها بدون موافقتها ).
(ب1)- للولي أن يتولى تزويج وليته بأن يساعدها في اختيار الزوج الأصلح لها. على أن يتولى إبرام العقد عنها ولا حق له في منع وليته من الزواج بمن ترغب فيه و تراه أصلح لها. ومعنى هذا أن يتوفر رضا الزوجة وأن يحترم الولي رغبتها في اختيار الزوج لها. وأن لا يمنعها ما دام شرط اختيار الزوج الأصلح لها متوفرا فيمن ترغب فيه.
(ب2)- الولي لا يجبر وليته القاصرة على الزواج بمن لا ترغب فيه. أو يزوجها بدون موافقتها فهذا لا يجوز للأولياء مطلق بصريح نص المادة اعلاه.
4- الشاهدان: المراد بالشاهدين، أن يحضر العقد إتنان فأكثر من الرجال العدل المسلمين لقوله تعالى ” وأشهدوا ذوي عدل منكم ” وقوله صلى الله عليه وسلم ” لا نكاح إلا بولي وشاهدي عدل”.
أما في التشريع الجزائري فإن الشاهدان هما الركن الرابع من أركان عقد الزواج لنص المادة 9مكرر/فقرة 5 قانون الأسرة وإن تخلف كان مصير العقد الفسخ حسب ما قضت به المادة33 قانون الأسرة.
كما أن جمهور الفقهاء ذهب إلى أن الزواج لا ينعقد إلا ببينة، ولا ينعقد حتى يكون حضور الشهود لقوله صلى الله عليه وسلم ” البغايا اللاتي ينكحن أنفسهن بغير بينة“.
(أ)-الشروط الواجب توافرها في الشهود: بما أن الشهادة هي ركن أساسي في عقد الزواج فيستوجب في الشهادة شروط حتى تكون كاملة غير ناقصة وهي:
الأهلية: وهذا طبقا للمادة 85 قانون الأسرة.
(أ1)- الإسلام: لأن ولاية الكافر على المسلم ممنوعة.
(أ2)-السن: لا يفرق المشرع الجزائري بين الذكر والأنثى في المادة 33 قانون الحالة المدنية ” يجب على الشهود المذكورين في شهادات الحالة المدنية أن يكونوا بالغين 21 سنة على الأقل سواء كانوا من الأقارب أو غيرهم دون ميز فيما يخص الجنس ويختارون من قبل الأشخاص المعنيين“.
(ب)-شهادة النساء :القانون الوضعي لا يفرق في المسائل التي يجوز اثباتها بشهادة الشهود بين الرجل والمرأة، أما الشريعة الاسلامية فتحدد الحالات التي يجوز اشراك المرأة في الادلاء بشهادتها بمفردها او معها امرأة مثلها ورجل:
الحنابلة والشافعية يشترطان الذكورة في الشاهدين، وقد نقل هذا عن الرسول الله صلى الله عليه وسلم فيما معناه: أنه لا تجوز شهادة المرأة في الحدود ولا في النكاح، ولا في الطلاق.
5- انعدام الموانع الشرعية للزواج (المحرمات): لقد شرع الإسلام نظاما للزواج فيه تكريم للمرأة والأسرة، فحصر التزويج بأصناف من النساء حفاظا لروابط لا ينبغي أن تعرض بالزواج إلى الفساد. ووضع قيد المحرمات من النساء صنفان :
(أ)– المحرّمات تحريما مؤبدا:
(أ1)– المحرّمات بالنسب (القرابة) وهن:
الأمهات: الأم، الجدة مطلقا وإن علت.
البنات: البنت وبنتها مهما نزلت، وبنت الابن وبنتها مهما نزلت.
الأخوات: الأخت مطلقا وبنتها وبنات بناتها مهما نزلت.
العمات: العمّة مطلقا مهما علت.
الخالات: الخالة مطلقا مهما علت.
بنات الأخ: بنت الأخ مطلقا وبنت إبنه مهما نزلت.
بنات الأخت: بنت الأخت مطلقا وبنت إ بنها مهما نزلت.
ذلك لقوله تعالى “حرمت عليكم أمهاتكم وأخواتكم وعماتكم وخالاتكم وبنات الأخ وبنات الأخت“. {سورة النساء الآية 23}.
(أ2)- المحرّمات بالمصاهرة:
– أصول الزوجة بمجرد العقد عليها: أم الزوجة وجدتها مهما علت.
– فروع الزوجة إن حصل الدخول بها: بنت الزوجة إن دخل بالأم وكذلك بنت بنت الزوجة أو بنت ابنها لقوله تعالى” وأمهاتكم اللاتي أرضعنكم وأخواتكم من الرضاعة وأمهات نسائكم وربائبكم اللاتي في حجوركم من نسائكم اللاتي دخلتهم بهن فإن لم تكونوا دخلتم بهن فلا جناح عليكم“.{سورة النساء الآية 23}.
– ارامل أو مطلقات أصول الزوج وإن علوا: زوجة الأب، زوجة الجد من الاب او الام مهما علا لقوله تعالى “ولا تنكحوا ما نكح آباؤكم من النساء“.{سورة النساء الآية 22}.
– أرامل او مطلقات فروع الزوج وإن نزلوا: زوجة الابن أو ابن الابن لقوله تعالى” وحلائل أبنائكم الذين من أصلابكم“.
(أ3)- المحرمات بالرضاع: جميع من حرم بالنسب في الأمهات والبنات والأخوات والعمات والخالات وبنات الأخ وبنات الأخت، لقوله صلى الله عليه وسلم” يحرم بالرضاع ما يحرم بالنسب“.
(ب)- المحرّمات تحريما مؤقتا وهنّ:
(ب1)- المحصنة (المتزوجة): حتى تطلق أو تؤيم وتنقضي عدتها لقوله تعالى(..و المحصنات من النساء). {سورة النساء الآية 24}.
(ب2)-المعتدّة من طلاق أو وفاة: حتى تنقضى عدتها ويحرم خطبتها كذلك، ولا مانع في التعريض في غير المعتدة في الطلاق الرجعي.
(ب3)-المطلقة ثلاثا: حتى تنكح زوجا آخر وتفارقه بطلاق أو موت وتنقضي عدتها لقوله تعالى “فلا تحل له من بعد حتى تنكح زوجا غيره“{سورة البقرة الآية 230}.
(ب4)- الجمع بين الأختين: إلا أن تطلق أختها وتنقضي عدتها أو تموت بقول تعالى “..وأن تجمعوا بين الأختين“. {سورة النساء الآية 23}
(ب5)-الجمع بين المرأة وعمتها أو خالتها: سواء كانت شقيقة أو للأب أو للأم أو من الرضاع. فلا تنكح حتى تطلق بنت أخيها أو بنت أختها وتنقضي عدتها أو تتوفى لقوله صلى الله عليه وسلم: ” لا تنكح المرأة على عمتها أو خالتها“.
(ب5)- زواج المسلمة مع غير المسلم.
إنحلال عقد الزواج
تفك العصمة الزوجية بطريقتين المادة 47 قانون الأسرة🙁 تنحل الرابطة الزوجية بالطلاق أو الوفاة) ولكن في دراستنا سنركز على الطلاق نظرا لما يرتبه من آثار على الأسرة باعتبارها نواة المجتمع وعليه سنتعرض إلى الطلاق من حيث وقوعه وأقسامه والآثار المترتبة عليه.
الطلاق
أولا: تعريف الطلاق:
(أ)- معناه العام: فصل المرأة عن الرجل وجعلها طليقة من القيود الزوجية، وهو ما تظهره المادة 47 قانون الأسرة.
(ب)- معناه الخاص به: هو فك أو حلّ الرابطة الزوجية بما يفيد ذلك سواء بلفظ صريح كقول الزوج لزوجته [أنت طالق] أو كناية مع نيته مثل إذهبي إلى أهلك.
والطلاق مشروع في القرآن والسنة النبوية والإجماع عند علماء الاسلام:
(ت)-القرآن الكريم: قوله تعالى (الطلاق مرّتان فإمساك بمعروف أو تسريح بإحسان) [سورة البقرة الآية 229].
(ث)-السنة النبوية الشريفة: قوله صلى الله عليه وسلم: أبغض الحلال إلى الله الطلاق. وان كان القول المنسوب الى الرسول (ص) فيه نظر أي ضعيف السند.
وأجمع الفقهاء على جواز الطلاق خاصة في حالة إستحالة العشرة بين الزوجين فيصير بقاء الزواج مفسدة محضة، وضررا مجردا بإلزام الزوج النفقة والسكنى وحبس المرأة مع سوء العشرة فاقتضى ذلك الشرع بنزول كل هذه المشاكل.
ثانيا: طرق وقوع الطلاق: نص المشرع الجزائري على ثلاثة طرق لوقوع الطلاق في المادة 48 قانون الأسرة وهي:
(أ) الطلاق بإرادة الزوج: لقد أوكل المشرع مصير العشرة الزوجية إلى إرادة الزوج طبقا لأحكام القرآن والسنة وهذا ليس إنكارا لحق المرأة في القرار متى فسدت العشرة الزوجية وكرهت البقاء معه وإنما تماشيا مع طبع الرجل الذي يغلب عليه الإتزان والحكمة لأنه خشين الإحساس إضافة إلى أن الزوج هو الذي يتحمل نفقات مالية كبيرة من زواجه فيحسب لها ألف حساب ويرفض اللجوء إلى الطلاق الذي سيرهق كاهله.
ولكن نظرا لأن الطلاق تصرف خطير يجب أن يستعمل بحذر وللضرورة القصوى وبذلك يشترط في الزوج الذي يوقع طلاقه الشروط التالية:
– أن يكون مؤهلا: لأن اللفظ الصادر من المجنون لا يكون له أية قيمة.
– سلامة الإرادة من العيوب: يجب أن يكون الزوج الذي يوقع الطلاق سليم الإرادة فلا يتعرض إلى إكراه لأن هذا الأخير يعدم الإرادة.
– قيام علاقة زوجية صحيحة عند توقيع الطلاق.
وهناك أحوال أخرى لا يقع فيها الطلاق حتى ولو أوقعه من يملكه شرعا وهو الزوج، ومن هذه الأحوال:
(أ1) طلاق المرعوب: هو الذي افتقد السيطرة على أعصابه بسبب صدمة نفسية انعكست عليه تدفعه إلى إصدار الطلاق.
(أ2) طلاق الغضبان: هو الذي يعاني حالة من الانفعال الشديد تلتهب فيها أعصابه فتزول لديه قوة الإدراك.
(أ3) طلاق السكران: هو الذي أهبت عقله نشوة التأثر بمادة مسكرة فدفعته لإصدار الطلاق.
(أ4) طلاق المكره: هو الذي تلقى من جهة أجنبية عليه تهديدا للحق به ضررا فيدفع لفعل ما ليس في رغبته ويطلق بذلك زوجته مكرها.
(أ5) طلاق الهازل: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ” ثلاثة جدهن جد وهزلهن جد، النكاح والطلاق والعتق، فالأئمة مالك وأبو حنيفة والشافعي ذهبوا إلى أن طلاق الهازل يقع بينما الإمام أحمد ذهب إلى القول أنه لا يقع لانتفاء القصد.
والهازل هو الذي يتكلم عن غير قصد ويهزل حيث الجد وبما أن الحديث يؤكد اتفاق الأئمة الثلاثة فإن طلاق الهازل يقع.
(ب)- الطلاق بتراضي الزوجين (طلاق بالتراضي): يسمح القانون للزوجين أن يتفقا على الطلاق، فينهيان بذلك العلاقة الزوجية بينهما بإرادتها المجمعة، وهذا لا يجافي الشرع ومقتضيات العقل السليم لأنه ما أوجدته الإرادتان بالاتفاق يمكن لهاتين الإرادتين أن تزيله.
(ت)- الطلاق بطلب من الزوجة: وهو يأخذ صورتين ( التطليق والخلع):
(ت1)- التطليق: أباح المشرع الجزائري الطلاق بطلب من الزوجة وفق المواد 48، 53، 54 قانون الأسرة (هو متفق عليه عند علماء الاسلام) ولكن بشروط:
– أنه لابد أن يتم في المحكمة أمام القاضي.
– لابد من طلب الزوجة.
–لا يستعمل إلا إذا تعذر الاتفاق بين الزوجين وتوافر الشروط المنصوص عنها في المواد: 08– 37- 53- 54 قانون الأسرة وأهمها:
_التطليق لعدم الاتفاق.
_العيوب التي تحول دون تحقيق الهدف من الزواج.
_الهجرة في المضجع فوق أربعة أشهر.
_الحكم بعقوبة جنائية مقيّدة لحرية الزوج لمدة أكثر من سنة.
_الغيبة بعد مضي سنة بدون عذر ولا نفقة.
_ ارتكاب فاحشة مبينة.
ويسمى الطلاق هنا بـ”التطليق” لأنه يتم بحكم من القاضي بالرغم من معارضة الزوج لذلك طالما أن الزوجة متضرّرة من العشرة معه وحقوقها مهضومة. وفي غياب الشروط المنصوص عنها قانونا فإن دعوى التطليق ترفض لعدم تأسيسها.
(ت2)- الخلع: الخلع طريقة شرعية أباحها المشرع للزوجة حتى تفرق من زوج كرهت العيش معه وانتفت معه الأسباب الأخرى للتطليق أو الطلاق، والخلع يكون في الأحوال التالية:
– عندما تكره الزوجة زوجها دون أن يبادلها الكره وترفض عشرته دون أن يرفض عشرتها، فتكون منه ناشزة إن بقيت تخاف عصيان ربها ومخالفة أحكام عقد الزواج وما يرتبه من حقوق وواجبات.
– عندما تنقضي أسباب التطليق المنصوص عنها في المادة 59 قانون الأسرة.
-ما يصلح يدل خلع: لقد نصت المادة 54 قانون الأسرة على أن الزوجة تخالع نفسها على مال وهي عبارة تنصرف إلى كل ماله قيمة سواء كان نقدا أو عينا. عقارا أو منقولا ولا خلاف بين ما يعطي للزوجة مهرا وما تخالع به نفسها من زوجها أو يقبل التقويم بالمال. فقد أعطاه المشرع للزوجة اعتمادا على ما ورد في القرآن: “فإن خفتم أن لا يقيما حدود الله فلا جناح عليها فيما افتدت به …”الآية229من سورة البقرة.
يتبع