بقلم: سعيد بن عياد
لم يسبق ان فرضت القضية نفسها على الراي العام المحلي والعالمي كما هو منذ أن غيرت المقاومة ضد الاحتلال الصهيوني مجرى التاريخ في 7 اكتوبر 2023 عندما اطلقت طوفان الاقصى معيدة القضية الام الى الواجهة. فلسطينيا، وضعت المقاومة كل الفصائل أمام مسؤولياتها التاريخية بضرورة انهاء فعلي للتشرذم والضياع وسط مشاريع هلامية اقليمية مسطرة الطريق امام ارادة التحرير مهرها كبير، وزنه تضحيات جسام، لم يبخل الشعب الفلسطيني في تقديمها، معلنا منذ الاول رفض نكبة تهجير ثانية مهما كلف الثمن، فتصدى ولا يزال لآلة الهمجية الصهيونية التي تمارس سياسة الأرض المحروقة أمام عالم يدعي التحضر. لقد اصاب طوفان الاقصى قطار التطبيع فعطله معيدا كل الاطراف الى الحقيقة وهي أن فلسطين قضية تحرر من احتلال غاشم ولا يمكن المتاجرة بها وأن محاولة المتاجرة بشعبها ستحرق كل المنطقة واكثر كما هو حاصل في البحر الاحمر، حيث تعطلت حركة السفن التجارية بعد الحصار البحري الذي فرضته اليمن على موانئ فلسطين المحلة واضعا اقصاد الكيان الصهيوني في ازمة تضاعف من خسائره العسكرية في قطاع غزة. أمريكيا، لم يعد خافيا مدى تورط الولايات المتحدة في حرب ابادة الشعب الفلسطيني في غزة والتنكيل به في الضفة الغربية موظفة كل وسائلها الدبلوماسية والاعلامية والعسكرية والاستخباراتية. وتبين ذلك منذ بداية الحرب النازية حينما اصاب الهلع البيت الابيض فراح رئيسه بايدن ومستشاريه المتطرفين يعلنون مواقف اكثر صهيونية وحشد سفن حربية ضخمة وتنقل وزيره للخارجية بلينكن الى دولة الاحتلال الصهيوني بهويه صهيوني كما اعلنه شخصيا. وزار المنطقة خمس مرات كلما شعروا ان “كيانهم” في المنطقة بلغ مرحلة خطر امام مقاومة اسطورية للفلسطينيين عملا مسلحا وصمودا امام القصف الهمجي والتجويع والحصار الشامل بما في ذلك منع دخول الغذاء والادوية والماء من معبر رفح الواقع تحت سلطة الاحتلال الصهيوني. أما عربيا، فبقي الصف “تائها” امام هول ما يحدث خاصة من بلدان الطوق والجوار الفلسطيني، فحق تصنيفهم في “خانة المتهم بعدم اسعاف شعب في خطر الزوال”، مقابل تصريحات باردة بعبارات فضفاضة، فهمت انها ضوء أخضر للكيان بتنفيذ مخطط ابادة شعب اعزل سمع العامل صراخه، الى درجة ان عواصم غربية عدلت الموقف كما في فرنسا وبلجيكا واسبانيا، برفض الابادة وشارع لم يتوقف عن التظاهر في كبريات العواصم بما فيها نيويورك ولندن وباريس وبروكسل. لكن الضربة القوية جاءت من افريقيا بتحريك جنوب افريقيا دعوى ضد دولة الكيان الصهيوني امام محكمة العدل الدولية بلاهاي (قد يصدر القرار غدا الجمعة) في انتظار ان يتحرك النائب العام لمحكمة الجنايات الدولية لطلب رموز الاحتلال.