بقلم: الدكتور طواهر محمد التهامي
يرتقب أن تحقق الجزائر تطورا ملحوظا ونموا اقتصاديا مرتفعا في غضون السنوات المقبلة، وذلك بفضل الامكانيات المادية والبشرية المتوفرة الى جانب الموقع الجيواستراتيجي الذي تتواجد فيه في منطقة البحر الابيض المتوسط وغيرها من المميزات المكتسبة مما يجعلها قادرة على رفع التحديات الداخلية والخارجية التي تواجهها.
وبفضل هذه القدرات الاقتصادية والاجتماعية التي تتمتع بها يمكن للجزائر ان تكون عضوا كاملا في مجموعة “بريكس” في المستقبل القريب.
التخطيط التأشيري واللامركزية في اتخاذ القرارات الاقتصادية
إن استغلال هذه الامكانيات والطاقات يتطلب وضع استراتيجية بعيدة المدى تتضمن سياسات متكاملة في مختلف المجالات الاقتصادية والاجتماعية والثقافية وغيرها وأن تتجسد هذه الاستراتيجية في الواقع يحتاج الى إرادة قوية.
يجدر التذكير هنا بالجهود التي تم بذلها منذ انتخاب رئيس الجمهورية في ارساء نظام سياسي مبني على الديمقراطية التشاركية من خلال المصادقة على تعديل الدستور في اول نوفمبر 2020 من طرف الشعب والذي يشكل القاعدة الصلبة لبناء الجزائر الجديدة.
بالإضافة الى ظهور نظام اقتصادي جديد يعتمد على القدرات المحلية والوطنية يشجع على الابداع والابتكار من خلال الاهتمام بالصناعات الصغيرة والصناعات الناشئة.
وحتى يضمن مستقبل الجزائر خلال العشرية المقبلة هناك بعض الشروط يمكن تقديمها في صيغة اقتراحات ينبغي القيام بها لتجسيد الاستراتيجية المذكورة أعلاه.
البيئة والتوازن الايكولوجي لتحقيق التنمية المستدامة
* تشجيع البحث العلمي في مختلف المجالات وخاصة في الجامعات والمدارس المتخصصة وربط الأبحاث العلمية بالقطاعات الاقتصادية والاجتماعية على مستوى المصب او على مستوى المنبع ويعتبر هذا من أهم قاطرات النمو الاقتصادي. وعليه فلا بد من رصد ميزانية خاصة كل سنة كنسبة مئوية من الناتج الداخلي الخام لتمويل نشاط البحث العلمي وفي هذا المضمار لا بد من الاستعانة بالكفاءات الجزائرية المتواجدة بالخارج والتي لها صيت عال وشهرة عالمية في الابتكار والتطور التكنولوجي والعلمي.
* اعتماد الرقمنة في كل القطاعات الاقتصادية والادارات العمومية وهي وسيلة فعالة لربح الوقت وإضفاء الشفافية على التعاملات والقضاء على البيروقراطية. وتملك الجزائر طاقة مؤهلة من اطارات قادرة على كسب رهان الرقمنة إذا أتيحت لها الفرصة.
* إعادة ولو جزئيا بعض الكوادر التي أحيلت على التقاعد والتي لديها خبرات كبيرن في الصناعة والتكنولوجيا والمناجمنت ولو سمح لها بالعودة لسوف تقدم الكثير للاقتصاد الوطني وتساعد على تأهيل الاطارات الشابة المتواجدة في المؤسسات (يمكن الاستعانة بهم كمستشارين).
* القيام بإصلاح مالي جذري بغية تسهيل تحصيل الجباية والضرائب والقضاء على الغش والتهرب الضريبي بالإضافة الى ضرورة إجراء تغيير جذري كذلك على المنظومة المصرفية لتواكب التطور الحاصل في مختلف القطاعات وخاصة تسهيل تمويل الاستثمار المنتج ومتابعة أنجاز المشاريع الاقتصادية.
* مواصلة تشجيع ودعم الصناعات العسكرية التي اصبحت تشكل قاعدة صلبة في انتاج العربات والمعدات العسكرية المختلفة وتمكين القائمين عليها من ولوج الاسواق الخارجية بتصدير منتجاتها ذات الجودة العالية.
* العمل على تحسين المناخ الاستثمار باستمرار بهدف جلب الاستثمارات الأجنبية في مختلف القطاعات وخاصة في المجالين الصناعي والزراعي وتمكين المتعاملين الاقتصاديين الوطنيين من إقامة شراكة مثمرة (رابح – رابح) مع شركات اجنبية للاستفادة من خبراتها المعرفية والتكنولوجية.
* اعتماد التخطيط التأشيري على المستوى المركزي بتحديد نسبة النمو المتوقعة والوسائل المتوفرة المالية والبشرية واللّوجيستية، لتحقيق أهداف الخطة على المستوى الإقليمي والمحلي ويتطلب الامر تعبئة كافة الطاقات المتواجدة بغية تحقيق أهداف التنمية المحلية بانتهاج اسلوب اللامركزية في اتخاذ القرارات الاقتصادية.
* توزيع الثروات الوطنية البشرية والمادية عبر انحاء الوطن في اطار تخطيط اقليمي متكامل ومتوازن ليشمل بصورة خاصة مناطق الظل (الجهات المحرومة) التي نالت اهتمام رئيس الجمهورية لأهميتها الاقتصادية والاجتماعية وحتى السياسية والأمنية.
تنشيط البعثات الدبلوماسية للتعريف بالجزائر وطاقاتها
* تشجيع الصادرات خارج المحروقات على أساس إستراتيجية متكاملة الهياكل اللّوجيستية كوسائل النقل والأدوات المصرفية (مواصلة إنشاء فروع مصرفية في الخارج) لتسهيل تحصيل عوائد الصادرات.
* إنشاء مناطق تبادل تجاري حرة مع دول الجوار وخاصة الافريقية منها في الجنوب مع مواصلة فتح اسواق المقايضة بالإضافة الى انشاء خط للسكة الحديدة موازاة مع استمرار انجاز طريق الوحدة الافريقية الى حدود دول الجوار.
* دعم ومواصلة الجهود الكبيرة المبذولة من طرف الدولة في الحفاظ على البيئة والتوازن الايكولوجي من أجل تحقيق اهداف التنمية المستدامة المنشودة.
* حث البعثات الدبلوماسية الجزائرية في الخارج على القيام بدورها للتعريف بالجزائر ومكوناتها المختلفة الاقتصادية والسياحية وغيرها وذلك في اطار تنشيط ما يعرف بالدبلوماسية الاقتصادية والتجارية.