بقلم: سعيد بن عياد
لماذا كل هذا التكالب على بلادنا،، في وقت تقطع فيه أشواطا كبيرة على دروب التنمية في ظل الاستقرار، محافظة على خياراتها السيادية، لا تخشى في ذلك لومة لائم مهما كان،، إنها بلا شك عظمة هذا البلد وقوة شعبه، التي أدهشت العالم، بعد أن استطاع ولا يزال تفويت مخططات وإحباط مؤامرات، لطالما استهدفت الجزائر لمحاولة النيل منها وكانت في كل منعرج تخرج أكثر صلابة واصرارا على رفع التحديات، ومواجهتها بهدوء الكبار وعنفوان الشرفاء، لكنها تكون أكثر شراسة إذا تمادى المعتدون في مغامراتهم المفلسة، وحينها لكل حادث حديث..
بلا شك أن ما تنجزه الجزائر معتمدة على إمكانياتها ومواردها وشبابها وبالعمل مع شركاء نزهاء من مختلف جهات العالم، يصيب متوجسين مصابين بلوثة التنكر والجحود بالجنون، ومن بينهم من ينزلق إلى ممارسة تصرفات عدائية، هذه المرة من بلد عربي شقيق، كما أشار إليه بيان لرئاسة الجمهورية، حول انعقاد المجلس الأعلى للأمن ، ترأسه عبد المجيد تبون، رئيس الجمهورية، القائد الأعلى للقوات المسلحة، وزير الدفاع الوطني، وأبدى المجلس الأعلى للأمن “أسفه للتصرفات العدائية المسجلة ضد الجزائر من طرف بلد عربي شقيق”.
حقيقة، مثل هذه التصرفات العدائية، تثير بلا شك تساؤلات بشأن خلفياتها وأبعادها، وهي واضحة، لا تخرج عن كونها تندرج في سياق التحرش بالجزائر ومحاولة إلهائها عن مواصلة مسيرتها الريادية، في تعزيز ركائز السيادة الوطنية وتمتين مناعتها الداخلية، أمام تيارات وقوى هيمنة عالمية، تستهدف البلدان الناشئة لمحاولة كبح اندفاعها إلى الصدارة في مختلف المواقع والميادين الاقتصادية والعليمة، التي لم تعد حكرا على مراكز دولية تقليدية، تنزعج من فقدان مساحات كانت في الماضي رهينة لها، هيمنة أو ابتزازا.
لذلك، فان ما يحاك ضد بلادنا، يندرج في سياق هجمة مفضوحة، تحاك خيوطها في مخابر قوى نيوكولونيالية، تستعمل بيادق هنا وعملاء هناك، والزج بهم في انجاز مهمة قذرة، سوف ينقلب سحرها على كل من يتورط فيها، كون الجزائر بقدر ما تفتح ذراعيها لكل من تحذوه النية الخالصة في العمل والتعاون، فإنها لا تصمت على أي تطاول، من أي كان، فتواجهه بالحقائق التي تفضحه أمام شعبه وأمام العالم، ذلك أن الصدق لا يتعايش مع الغدر.
لكن لماذا ينزعج البعض من العودة القوية للجزائر، بعد أن عالجت ظروفها الصعبة قبل أربع سنوات وارتقت إلى مراتب متقدمة، سواء على الصعيد الداخلي كما تؤكده مؤشرات التنمية الشاملة، آو على الصعيد الخارجي بتبوئها المكانة اللائقة، أبرزها شغل كرسي عضو غير دائم بمجلس الأمن الدولي منذ بداية العام الجاري 2024 ، مصرحة بلسان فصيح، أنها تحمل لواء الدفاع عن الشرعية الدولية حماية للأمن والسلم الدوليين، وتتحدث بلسان افرقي وعربي لتذكر العالم بحق الشعوب في تقرير المصير ومناهضة بقايا الاستعمار، كما هو الشأن لفلسطين والصحراء الغربية، وهي مواقف أصيلة لا تقبل مقايضة أو ابتزازا، كرّستها ثورة أول نوفمبر المجيدة، وتجد صداها في أدبيات المواثيق الدولية.
ولعل ما يزيد من غيض البعض وشعور البعض الآخر بعقدة نقص، بقاء الجزائر على وفاء ثابت لتاريخها وقيمها وثقافتها السياسة والدبلوماسية، باستهجان التطبيع مع الكيان الصهيوني الذي يرتكب إبادة نازية بحق الشعب الفلسطيني ويريد التمدد في المنطقة، بعد أن وجد عملاء له باعوا التاريخ والعرض وانسلخوا عن الانتماء وراحوا ينخرطون في لعبة شيطانية عنوانها الخيانة الكبرى، أمر ترفضه شعوبهم المضطهدة التي تسلط عليها مختلف صور الخزي والعار وتعبر بشتى الطرق عن رفض الأمر الواقع.
إن ما يدور هنا وهناك ويدبر من مراكز نفوذ صهيونية، كما تشير إليه التصرفات العدائية لبلد عربي شقيق، لن ينال من بلادنا، التي بقدر ما تراقب التطورات فإنها مصممة وشعبها القوي أكثر من أي وقت مضى على المضي قدما على طريق الدفاع عن سيادتها ووحدتها وأمنها، تنشد السلام ولا تقبل مساومة، تنشر الرخاء ولا تدير ظهرها للشعوب المضطهدة، تكرس الحوار ولا تتردد في قول الحق لأي كان، وهي رسالة يفهمها بالتأكيد كل من درس التاريخ وأدرك خطورة تصرفاته العدائية، التي لا طائل منهان لأنها في النهاية سوف تنقلب على أصحابها.