يعقد مجلس الأمن الدولي يوم الاربعاء جلسة إحاطة على المستوى الوزاري تتبعها مشاورات مغلقة حول تطورات الأوضاع الخطيرة في الأراضي الفلسطينية المحتلة.
وقد دعت الصين, بصفتها الرئيس الدوري لمجلس الأمن الدولي لشهر نوفمبر الجاري, الى انعقاد اجتماع يوم الاربعاء, الذي يترأسه وزير خارجيتها وانغ يي, مؤكدا بالمناسبة أن بلاده تريد العمل على استعادة السلام في الشرق الأوسط, داعيا العالم “للتحرك بشكل عاجل لوقف الأزمة الإنسانية في قطاع غزة”.
وبالمناسبة قدم الامين العام للأمم المتحدة, انطونيو غوتيريش, تقريرا عن تنفيذ القرار 2712 (2023) الذي اعتمده مجلس الامن في 15 نوفمبر الجاري.
ويدعو هذا القرار الى العمل وفقا للمبادئ التي أنشئت الأمم المتحدة لدعمها لإنقاذ الأرواح, “لا سيما فيما يتعلق بحماية المدنيين, وخاصة الأطفال”, وضرورة وقف اطلاق النار ب”شكل فوري” والاتفاق على هدنة إنسانية في قطاع غزة وفتح ممرات إنسانية عاجلة ممتدة في جميع أنحاء القطاع “لعدد كاف من الأيام”, لتمكين الوصول الآمن ودون عوائق للمساعدات الإنسانية لتسهيل توفير السلع والخدمات الأساسية وكذلك “جهود الإنقاذ والإنعاش, بما في ذلك الأطفال المفقودين في المباني المتضررة والمدمرة”.
كما يطالب ذات القرار بالامتناع عن حرمان السكان المدنيين في غزة من “الخدمات الأساسية والمساعدات الإنسانية التي لا غنى عنها لبقائهم على قيد الحياة”.
وسيؤكد أعضاء مجلس الأمن بالمناسبة على ضرورة احترام القانون الإنساني الدولي وحماية المدنيين والمنشآت المدنية بما في ذلك المرافق الطبية والصحية والمدارس والبنية التحية الاقتصادية التي دمرها العدوان الصهيوني, ما اسفر عن استشهاد حوالي 15 ألف فلسطيني وتسجيل ما يزيد عن 36 ألف جريح, تشكل نسبة 75 % منهم, الأطفال والنساء.
من جهته, قدم المنسق الخاص لعملية السلام في الشرق الأوسط, تور وينيسلاند, إحاطة حول جرائم العدوان الصهيوني على قطاع غزة, متطرقا إلى المخططات الصهيونية لتوسيع النشاط الاستيطاني, مع العلم أن الكيان الصهيوني رصد أموالا جديدة لبناء المزيد من المستعمرات غير القانونية في الاراضي الفلسطينية المحتلة.
وأكدت وزارة الخارجية والمغتربين الفلسطينية في وقت سابق أن ذلك يعد استهتارا بالمواقف الدولية الداعمة لحل الدولتين. وحذرت من مغبة إقدام حكومة الاحتلال الصهيوني, اعتماد مقترح استيطاني توسعي و إقراره, و اعتبرته إمعانا في تسريع وتيرة الضم التدريجي المعلن وغير المعلن للضفة الغربية المحتلة وتقطيع أوصالها وإغراقها في تجمع استيطاني ضخم يرتبط بالعمق الصهيوني.
وقد دعا المندوب الدائم لدولة فلسطين لدى الأمم المتحدة, رياض منصور إلى الوقف الفوري لإطلاق النار والنقل القسري للفلسطينيين وحماية المدنيين, وتقديم المساعدة الإنسانية الطارئة إليهم “دون أي عوائق”. وجدد الدعوات إلى حماية الأطفال الفلسطينيين الذين يعانون من الجحيم في غزة, مشددا على ضرورة أن تكون المطالبات باحترام القانون الدولي “مدعومة بجهود جماعية فورية وجادة لإنفاذه”.
وكان مفوض الأمم المتحدة السامي لحقوق الإنسان, فولكر تورك, قد حذر من التهجير القسري للمواطنين الفلسطينيين في قطاع غزة, واعتبره “جريمة حرب”, داعيا الى الاستجابة لدعوات السلام وإنهاء التصعيد ووقف المذبحة التي يتعرض لها الشعب الفلسطيني.
وحذرت الأمم المتحدة من أن ما لا يقل عن 7,1 مليون فلسطيني نازح داخل قطاع غزة يواجهون خطر الانتشار الكبير للأمراض المعدية.
وقال مكتب تنسيق الشؤون الإنسانية (أوتشا) التابع للمنظمة الاممية -في أحدث بياناته- إن ما يقرب من 80 % من سكان غزة أصبحوا نازحين داخليا, حيث يقيم حوالي 896 ألف نازح في 99 منشأة في الأجزاء الوسطى والجنوبية من القطاع.
استنكار دولي للعدوان الصهيوني
وتوالت يوم الأربعاء ردود الفعل المنددة بالعدوان الصهيوني على قطاع غزة والضفة الغربية والذي خلف حتى الآن 16 ألف شهيد و35 ألف جريح وستة آلاف مفقود وتدميرا شبه كلي للبنى التحتية والممتلكات، مطالبة بالوقوف الى جانب الفلسطينيين، وذلك بمناسبة اليوم العالمي للتضامن مع الشعب الفلسطيني.
ويعيش الشعب الفلسطيني، منذ السابع من شهر أكتوبر المنصرم، أحلك الفصول في تاريخه، جراء التهجير القسري الذي يعيشه ومنع الاحتلال للمساعدات الانسانية من الوصول إليه بشكل آمن وكاف لتغطية احتياجاته اللازمة، بالإضافة إلى الدمار الكبير الذي تشهده المستشفيات والمدارس ومراكز الإيواء بسبب القصف.
كما تتزامن هذه المناسبة أيضا مع حملة المداهمات الواسعة للمنازل وتدمير البنية التحتية وممتلكات الفلسطينيين بالضفة الغربية، خاصة بمخيم جنين الذي أعلنه الاحتلال منطقة عسكرية مغلقة ونشر تعزيزات عسكرية كبيرة في أحيائه.
وفي السياق، جدد رئيس الجمهورية، عبد المجيد تبون، الثلاثاء في رسالة له عشية إحياء اليوم الدولي للتضامن مع الشعب الفلسطيني، التأكيد على “التزام الجزائر الثابت بدعم الكفاح المشروع للشعب الفلسطيني وقضيته العادلة في سبيل استرجاع كافة حقوقه غير القابلة للتصرف أو المساومة وعلى رأسها حقه في إقامة الدولة الفلسطينية المستقلة على خطوط الرابع من جوان 1967 وعاصمتها القدس الشريف وفق القرارات الأممية والمرجعيات الدولية ذات الصلة”.
ودعا رئيس الجمهورية إلى “بذل المزيد من الجهود والعمل على إعلاء مبادئ ومقاصد ميثاق الأمم المتحدة وتوفير الحماية اللازمة للشعب الفلسطيني ووضع حد للظلم التاريخي المسلط عليه”، مشددا على ضرورة “التحرك الفوري والعاجل ن أجل إنقاذ مسار السلام الذي يعرف انسدادا غير مسبوق”.
بدوره، شدد الرئيس الفلسطيني، محمود عباس، على أن الفلسطينيين يتعرضون لتهديد “وجودي و استهداف ممنهج”، مشيرا إلى أن قوات الاحتلال ارتكبت منذ بدء عدوانها على قطاع غزة جرائم فظيعة ضد الانسانية وحربا انتقامية ضد الأبرياء.
ودعا المجتمع الدولي والمنظمات الدولية كافة للتدخل ل”وقف إجراءات الضم الصامت والاستيطان ووقف الممارسات اليومية للتطهير العرقي والتمييز العنصري في الأراضي الفلسطينية المحتلة كافة”.
من جهته، دعا الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريش، إلى وقف إنساني لإطلاق النار طويل الأجل بغزة والسماح بوصول المساعدات دون قيود، مشيرا إلى معاناة الفلسطينيين في القطاع و إجبار أزيد من 1.7 مليون فلسطيني على ترك منازلهم دون وجود ملاذ آمن لهم.
وشدد المسؤول الأممي على ضرورة أن “نكون متحدين في المطالبة بإنهاء الاحتلال ووقف الحصار المفروض على قطاع غزة”، مضيفا أن الأمم المتحدة “لن تتوان في التزامها تجاه الشعب الفلسطيني”.
كما أكد البرلمان العربي أن ما يقوم به الاحتلال الصهيوني انتهاك صارخ للقانون الدولي والقانون الدولي الإنساني، يضاف إليه ما يقوم به من اغتيال واعتقال يومي في الضفة الغربية المحتلة.
وأبرز البرلمان بأن الوقت قد حان للاعتراف الدولي الكامل بالدولة الفلسطينية، مطالبا الدول التي لم تعترف بعد بدولة فلسطين، القيام بذلك، باعتباره “شرطا حتميا لتحقيق الأمن والاستقرار والسلام في المنطقة”.
وحذرت منظمة التعاون الاسلامي بدورها من مغبة استمرار اعتداء الاحتلال الصهيوني على الأماكن المقدسة في مدينة القدس المحتلة، لاسيما على المسجد الأقصى المبارك، مبرزة أن “أرض دولة فلسطين المحتلة منذ عام 1967، بما في ذلك قطاع غزة والضفة الغربية وبما فيها مدينة القدس المحتلة، تشكل وحدة جغرافية واحدة”.
وطالبت المنظمة بتحويل الإدانة الدولية لسياسة الاستيطان من قبل الاحتلال إلى “إجراءات عملية وفاعلة، لتنفيذ قرارات الأمم المتحدة ذات الصلة (…) وذلك في إطار دعم جهود وفرص تحقيق السلام”.
وفي ذات السياق، دعا رئيس الوزراء العراقي، محمد شياع السوداني، جميع دول العالم إلى إنهاء معاناة الفلسطينيين التي تعرضوا لها بسبب العدوان الأخير، مؤكدا دعم بلاده للشعب الفلسطيني وحقه في إقامة دولته على كامل الأرض الفلسطينية.
كما دعت وزارة الشؤون الخارجية التونسية بدورها، لضمان الوصول السريع للمساعدات الإنسانية إلى مستحقيها في غزة وفي كل أرجاء فلسطين دون شروط أو عوائق، مطالبة بتوفير الحماية الدولية للمدنيين الفلسطينيين وفقا للقرارات الأممية.
مخاوف من تدهور الوضع الانساني والصحي
ومع العدوان الصهيوني الذي يشهده قطاع غزة منذ 7 أكتوبر، حذر برنامج الأغذية العالمي من خطر حدوث مجاعة ودعا إلى ضرورة جلب الغذاء على نطاق واسع وتوزيعه بأمان وتوفير المدة اللازمة لتقديم كل المساعدة المطلوبة.
وقال البرنامج الأممي أنه قام بتسليم الغذاء الذي تشتد الحاجة إليه لأكثر من 120 ألف فلسطيني في غزة خلال الفترة الأولية للهدنة الإنسانية، مجددا تأكيده على أن الإمدادات التي تمكن من توفيرها غير كافية على الإطلاق للتعامل مع مستوى الجوع الذي رصده موظفوه في ملاجئ الأمم المتحدة والمجتمعات المضيفة.
وأضاف أن “خطر المجاعة والتضور جوعا يتكشف أمام أعيننا ولمنع حدوث ذلك يتعين أن يتمكن البرنامج من جلب الغذاء على نطاق واسع وتوزيعه بأمان”، مؤكدا أن ستة أيام من الهدنة ليست كافية لتقديم كل المساعدة المطلوبة و أنه “يجب أن يأكل سكان غزة كل يوم وليس لمدة ستة أيام فقط”.
ووفقا لفريق البحث والتقييم والرصد التابع لبرنامج الأغذية العالمي، فإنه “بعد سبعة أسابيع من عدم كفاية استهلاك الغذاء والمياه، من المحتمل جدا أن يكون سكان غزة وخاصة النساء والأطفال، معرضين بشدة لخطر المجاعة، إذا لم يتمكن البرنامج من ضمان الوصول المستمر للغذاء”.
وبدوره، أعرب مدير الطوارئ الإقليمي لمنظمة الصحة العالمية، ريك برينان، عن مخاوفه بشأن الوضع الصحي في غزة وما سيحدث إذا لم تتم استعادة الخدمات الصحية في القطاع.
وأضاف أن النظام الصحي “تدهور بشكل كبير”، في ظل انخفاض عدد المستشفيات التي لا تزال في مجال الخدمة، من 36 مستشفى إلى 12، فيما لا تزال 4 مرافق طبية تعمل في شمال القطاع.
وأكد المسؤول الأممي أن قطاع غزة يشهد بالفعل زيادة في معدلات تفاقم المرض والوفاة بسبب الأمراض المزمنة، مشيرا إلى أن هذه الوفيات الناجمة عن الإصابة بالأمراض، يمكن أن تكون أعلى في نهاية العدوان الصهيوني.(واج)