دعت الهيئة الفلسطينية المستقلة لحقوق الإنسان كل المؤسسات والجمعيات الحقوقية العالمية للضغط على حكوماتها للمطالبة بوقف العدوان والإبادة الجماعية التي يرتكبها الكيان الصهيوني ضد المدنيين في قطاع غزة والضفة الغربية.
وأوضح رئيس الهيئة, جميل سرحان, في حديث لـ”واج” أن مؤسسته الحقوقية وجهت “عدة رسائل لمؤسسات حقوق الإنسان على مستوى عديد الدول تطالبها فيها بالضغط على حكوماتها من أجل وقف العدوان الصهيوني على غزة والضفة الغربية وتسريع عملية إدخال المساعدات الإنسانية ونقل الجرحى إلى خارج القطاع للعلاج, بالإضافة إلى توجيه نداءات إغاثة إلى الأطباء على مستوى الدول العربية والأجنبية للمساعدة ومد يد العون لمعالجة الجرحى”.
و أفاد سرحان أن المؤسسات الحقوقية في فلسطين تسعى “لتوثيق جرائم الاحتلال و انتهاكات حقوق الإنسان وتحاول تداول المعلومات و ايصالها إلى كل الجهات المحلية والإقليمية والدولية”, مضيفا أن هيئته شاركت هذه البيانات مع مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة ومكتب المفوض السامي لحقوق الإنسان لاطلاعهم بكل التفاصيل اليومية لواقع انتهاكات حقوق الإنسان بالأراضي الفلسطينية المحتلة, خاصة بقطاع غزة.
و أكد ذات المتحدث على أهمية نشر المعلومات المتعلقة بانتهاكات حقوق الإنسان وبمجازر الإبادة الجماعية على نطاق واسع “للتأثير على الرأي العام العالمي وكشف الحقائق عما يرتكبه الاحتلال الصهيوني بحق أبناء الشعب الفلسطيني”.
وفي ذات السياق, طالب جميل سرحان, الإعلاميين ومؤسسات حقوق الإنسان وحتى الأفراد “بضرورة بذل أكبر جهد في نشر الوقائع والمعلومات لمساندة القضية الفلسطينية وحق الشعب الفلسطيني في الحياة وبشكل يظهر جليا انتهاكات حقوق الإنسان, وذلك باستخدام كل الوسائل, بما في ذلك وسائل الإعلام والتواصل الاجتماعي, فأي تغريدة أو صورة أو فيديو ينشر حول الانتهاكات الصهيونية ضد غزة سيأتي بنتائج على الصعيد الدولي والأممي”.
و أشار سرحان أن هيئته بصدد توثيق جميع الجرائم والمجازر في “ملفات قانونية يتم رصدها و استكمالها و جمع البيانات بشأنها من أجل تقديمها إلى المحكمة الجنائية الدولية”.
وأوضح أنه خلال اليوم الثاني من العدوان, طالبت الهيئة من المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية, كريم خان, “بضرورة العمل الجاد للتحقيق في جرائم قوات الاحتلال و إصدار تصريح وقائي”, مشيرا إلى أن المدعي العام “تأخر في الرد على هذه المطالب بنحو أسبوعين وبعدها توجه إلى معبر رفح و أدلى بتصريحات لم تكن بالمستوى المطلوب”.
ودعا المحكمة الجنائية بضرورة اتخاذ إجراءات “فعلية وجدية دون مماطلة” ضد ما يقوم به الكيان الصهيوني من انتهاكات صارخة لحقوق الإنسان في غزة وفلسطين عامة, مشيرا إلى أن الأمر يستوجب إصدار مذكرات قبض بحق المسؤولين الصهاينة.
وأكد الحقوقي أنه من خلال متابعة الهيئة لانتهاكات حقوق الإنسان التي تمارسها قوات الاحتلال, يتضح جليا “ممارسة وقائع واضحة لجريمة الإبادة الجماعية, حيث يتم استهداف المدنيين ومربعات سكانية بهدف إيقاع أكبر عدد ممكن من الخسائر والشهداء, ويتم استهداف المستشفيات بهدف إخراجها عن الخدمة ولكي لا تقوم بدورها في معالجة الجرحى, بالإضافة إلى منع المساعدات ومنع وصولها لكي يفقد من لم يتم استهدافه مباشرة, حقه في الحياة بسبب الجوع”.
وعلى الصعيد الميداني, تحدث سرحان عن مستجدات الوضع في غزة أين تواصل قوات الاحتلال الصهيوني ممارسة أعمال القتل والإبادة الجماعية حيث وصل عدد الشهداء إلى أكثر من 11000 منهم 4630 طفل و 3130 امرأة, أي ما يزيد عن الثلثين من الضحايا ما بين نساء وأطفال ومسنين وذوي الإعاقة والاحتياجات الخاصة.
و أضاف أن الاحتلال نفذ أكثر من 1200 مجزرة في حق العائلات الفلسطينية, حيث تم استهداف منازل كاملة و أحياء ومربعات سكنية, الأمر الذي يدل على استمرار الإبادة الجماعية.
و أكد أنه خلال ال24 ساعة الماضية, تم استهداف ما يقارب 15 منزلا في مخيم جباليا في حي سكني واحد, و استهداف 10 منازل أخرى في مربع سكاني آخر في منطقة الفاخورة في مخيم جباليا أيضا, بالإضافة إلى عدد من الاستهدافات للمنازل في خان يونس و رفح.
و أفاد أن نسبة استهداف المنازل إلى غاية اليوم وصلت إلى 67% في قطاع غزة, منها ما تهدم كليا ومنها ما تهدم جزئيا بشكل بليغ غير قابل للسكن, “وهذا رقم كبير جدا بالنسبة لصغر المساحة المستهدفة”.
و في حديثه عن الأوضاع الإنسانية, قال سرحان أنها تعرف “حالة من الانهيار حيث وصلت مدينة غزة و شمالها إلى مرحلة الجوع, بالإضافة إلى حالات النزوح الكبيرة جدا, فقد وصل عدد النازحين إلى 6ر1 مليون, مقسمين على مدارس الأونروا و أغلبها لا تصلح كأماكن للجوء, و آخرين عند أقاربهم, بينما جزء آخر من النازحين ما يزال بالشوارع دون مأوى, وجميعهم يعانون من أوضاع صعبة بل مهينة للكرامة الإنسانية”.
اجيش الإحتلال حول مستشفى الشفاء إلى “ثكنة عسكرية”
أدان المرصد الأورو متوسطي لحقوق الإنسان, يوم الأربعاء, “بشدة” اقتحام قوات جيش الاحتلال لمجمع “الشفاء” الطبي في غزة, مشيرا إلى أن الاحتلال حول المستشفى إلى “ثكنة عسكرية ومركزا للاعتقال والتنكيل بالمرضى والنازحين والأطقم الطبية”.
و قال المرصد في بيان على موقعه الالكتروني, أنه يدين “بشدة” اقتحام جيش الاحتلال بتعزيزات عسكرية كبيرة مجمع الشفاء الطبي في غزة و”تحويله إلى ثكنة عسكرية ومركز للاعتقال والتنكيل بالمرضى والنازحين فضلا عن الأطقم الطبية”.
وأعرب عن “مخاوفه من حدوث عمليات قتل وجرائم إعدام في ظل سماع إطلاق نار متقطع داخل مجمع الشفاء منذ اقتحامه”, موضحا أن المجمع لم يشهد أي عمليات إطلاق نار سوى من قوات الاحتلال عند اقتحامه.
وأكد المرصد أن جيش الاحتلال “هو الطرف الوحيد المتحكم في المشهد داخل مجمع الشفاء الطبي في ظل حجب صوت مسؤولي وزارة الصحة عن الإعلام, وعدم السماح لأي أطراف دولية ثالثة بما في ذلك المنظمات الأممية بالتواجد (في المستشفى) ما يثير شكوكا مسبقة على أي رواية ستصدر لاحقا من المحتل.
ولفت المركز إلى أن المزاعم بشأن استخدام مجمع “الشفاء” الطبي لأغراض عسكرية “لا تحتاج إلى كل هذه الساعات الطويلة للتمشيط والمداهمة من أجل كشفها”, وبالتالي – يضيف البيان – فإن طول الفترة الزمنية التي يستغرقها الجيش داخل المجمع “يثير مخاوف من إعداد مسرح لمشهد مصطنع”.
وطالب المرصد الأورو متوسطي جيش الاحتلال بـ”مغادرة مجمع الشفاء فورا, والوفاء بالتزاماته بموجب القانون الدولي الخاص بالحروب والنزاعات, الذي يحتم على أطراف الصراع ضمان حماية العاملين في مجال الإغاثة والصحة ومرافقهم وعدم تقييد عملهم بأي شكل”.
للإشارة, يوجد في مجمع الشفاء نحو 1500 من أعضاء الطاقم الطبي ونحو 700 مريض و39 من الأطفال الخدج و7 آلاف نازح, وفقا للمصادر رسمية فلسطينية.
الفلسطينيون ينتصرون في معركة الرأي العام الدولي
انتصر الفلسطينيون في المعركة الإعلامية بفضل تعبئة الرأي العام الدولي المؤيد للقضية الفلسطينية ضد الهمجية الصهيونية بكافة أشكالها منذ 7 أكتوبر المنصرم وبدء العدوان على قطاع غزة.
وبالرغم من تحريك آلة الدعاية الصهيونية لـ “تبرير” جرائمه الخاصة بالإبادة الجماعية وغيرها من جرائم الحرب المرتكبة ضد الشعب الفلسطيني فإن تضامن جزء كبير من الرأي العام العالمي مع الشعب الفلسطيني أدى الى تفكيك الحجة الصهيونية وروايتها الكاذبة و هي رواية مبتذلة و مذلة قائمة منذ عقود على إدعاء الصهاينة بأنهم ضحية وعلى سعيهم إلى سلام إقليمي زائف.
وتم كشف هذه الدعاية التي يفرضها الكيان الصهيوني وحلفائه، جزئيا، من خلال تحقيق نشر شهر فبراير الماضي حول المؤسسة الصهيونية “خورخي”، أعدته مجموعة من الصحافيين “Forbidden Stories” (قصص محظورة). وكان عمل المحققين قد كشف عن الآلة المسرفة للتلاعب بالرأي العام و نشر المعلومات الكاذبة التي ينشطها “فريق خورخي” من خلال نظام كوكبي من المرتزقة الفاسدين المرتبطين بمخابرات الكيان الصهيوني الذين تسللوا إلى وسائل الإعلام الكبرى و أيضا في الهيئات الدولية. و يضاف إلى هؤلاء المرتزقة, مؤثرون على شبكات التواصل الاجتماعي و أصحاب الحسابات المفبركة .
وبالرغم من آلة التضليل هذه إلا أن تأييد الرواية الصهيونية خلال الأسابيع الأخيرة تراجع بشكل محسوس حتى في وسائل الإعلام الأكثر ولاء للكيان الاستعماري والتي تبنت خطابه منذ الساعات الأولى للعدوان على سكان قطاع غزة.
لكن أمام التجند الكبير للرأي العام الدولي, وجدت هذه المجموعات الإعلامية الغربية نفسها مجبرة على مراجعة موقفها من خلال محاولة إعطاء بعض الموضوعية لمحتوياتها. وتجدر الإشارة في هذا الخصوص إلى الفضيحة التي انتشرت عبر شبكات التواصل الاجتماعي حول صحفيي القناة الإخبارية الأمريكية CNN قاموا بفبركة هجوم ضد الكيان الصهيوني، والتي كشف عنها ناشط أمريكي على اليوتوب.
تنديد بالتغطية الاعلامية المنحازة للعدوان
وتحاول وسائل الإعلام هذه المحاصرة والخائفة من فقدان ما تبقى من مصداقيتها بعد شهر من المجازر التي طالت المدنيين، فرض بعض الموضوعية في معالجتها للعدوان. ففي بعض القنوات التلفزيونية الغربية, هناك المزيد من المتدخلين الذين يعارضون الرواية الصهيونية ومتحدثين باسم جيش الإبادة الجماعية الذين تعرضوا لمعاملة خشنة من قبل مذيعين على بلاطوهات التلفزيون المؤيدة للرواية الصهيونية.
وعلى الرغم من غياب الحياد, فإن صور الجرائم الفظيعة المرتكبة ضد السكان العزل والمحاصرين منتشرة بوسائل الإعلام. وليس من الغريب أن تكون آلة التدمير لجيش الاحتلال استهدفت بشكل خاص الصحفيين وعائلاتهم (حوالي خمسين صحفي منذ اندلاع الإبادة الجماعية) بهدف إخفاء هذه الحقائق.
وجاء هذا التوازن القسري في تغطية وسائل الإعلام الغربية الكبرى نتيجة التعبئة الدولية الرائعة للرأي العام الدولي. ومن بين أكثر التظاهرات الباهرة المؤيدة للفلسطينيين، تلك التي أقيمت في دول تدعم الكيان الإجرامي ضد كل الصعاب، مثل لندن (المملكة المتحدة) وواشنطن ونيويورك (الولايات المتحدة).
ففي الولايات المتحدة، كشفت صحيفة واشنطن بوست الخميس الماضي أن 750 صحفي من عشرات المؤسسات الإعلامية (من بينها رويترز، ولوس أنجلوس تايمز، وبوسطن غلوب، وواشنطن بوست) وقعوا على رسالة مفتوحة تدين قتل الصحفيين على يد الجيش الصهيوني، منتقدين تغطية الحرب من قبل وسائل الإعلام الغربية.
ويؤكد الموقعون في هذه الرسالة أن الصحف مسؤولة عن “الخطاب غير الإنساني الذي استخدم لتبرير التطهير العرقي للفلسطينيين”، مبدين دعمهم لضرورة استعمال الصحفيين لكلمات مثل “الأبارتايد” و “التطهير العرقي” و”الإبادة” لوصف معاملة الفلسطينيين من قبل الكيان المجرم.
نصر ساحق لفلسطين على وسائل التواصل الإجتماعي
وأصبحت تعبئة الرأي العام الدولي هذه ممكنة بفضل الدور الذي لعبه مستخدمو وسائل التواصل الاجتماعي، إذ تمكنوا من رصد الأخبار الكاذبة وتفكيك سردية وحجج المعتدي الباطلة.
وشارك عديد المؤثرين الغربيين على وسائل التواصل الاجتماعي مقاطع فيديو على حساباتهم، حيث كشفوا أن هذه القنوات نفسها كانت ترسل لهم رسائل شخصية تطلب منهم التوقف عن دعم القضية الفلسطينية ومساعدة الكيان الصهيوني بمقابل مادي.
وفي تحليل نُشر الخميس الماضي، اعترفت شركة “هيومان كومباني”، وهي منصة تسويق خاصة بالمؤثرين و التجارة الإلكترونية والمبدعين، القريبة من المخابرات الصهيونية، بالنصر الساحق للقضية الفلسطينية في عالم التواصل الاجتماعي.
ومن خلال تحليل “علامات التصنيف” (هاشتاغ) التي تعتبر أكثر المؤشرات أهمية لقياس اتجاه المبادلات على هذه الشبكات، تم التوصل إلى أن مستخدمي “علامات التصنيف” المؤيدة لفلسطين أكثر عددا بخمسة عشر مرة من أولئك المؤيدين للصهيونية.
و بالأرقام، فهذا يعني 109.61 مليار منشور يحمل هاشتاغات مؤيدة لفلسطين منذ 7 أكتوبر على انستغرام وتيكتوك، مقابل 7.39 مليار للكيان المجرم.
وخلص التحليل، الذي أجري على 117 مليار منشورا على تيكتوك وانستاغرام الشهر الماضي، إلى أن توزيع الرسائل جاء لصالح “علامات التصنيف” المؤيدة للفلسطينيين بشكل واضح أي بنسبة 93.7% مقابل 6.3% للمؤيدين للصهيونية، على الرغم من محاولات الفساد.
وتبرز هذه الأرقام أن الصورة المزيفة التي فرضها العالم من خلال سرد مغرض كانت فيه الافكار الرئيسية تدور حول لعب دور الضحية والسعي إلى سلام زائف، قد تحطمت إلى الأبد.
وبهذا يكون الكيان الصهيوني، الذي يسعى زورا إلى إحلال السلام في المنطقة (من بين أمور عبر “اتفاقات إبراهيم” والتطبيع) قد تلقى ضربة قاضية لبقية حياته.