أشاد وزير الطاقة والمناجم محمد عرقاب، اليوم الخميس، باستراتيجية الدولة الجزائرية وإطاراتها في تنويع وإثراء الاقتصاد الوطني، والنهوض بالقطاع المنجمي، كما أثنى على المجهودات الملموسة في سبيل تطوير القطاع، من خلال تحديد الأولويات الأساسية من أهمها مراجعة الإطار التشريعي، وتوسيع القاعدة المنجمية للبلاد.
و أكد الوزير عرقاب، في كلمته بمناسبة الاحتفال بالذكرى الـ58 لتأميم المناجم والذكرى الـ 57 لتأسيس شركة سوناريم، أن إحياء هذه المناسبة، تدفع للوقوف إجلالا وعرفانا لأولئك الذين نذروا أنفسهم لتحقيق تطلعات الجزائريات والجزائريين لقيم التحرر وبناء صرح الدولة الجزائرية المستقلة، وأشار عرقاب في كلمته، إلى أن الاحتفال بذكرى تأميم المناجم، وذكرى تأسيس سونارام، تعيد للأذهان معاني التضحية والفداء وتبعث في النفوس روح العمل والجد والإخلاص وأداء الواجب الوطني حرصا على صون الوديعة وحفظ الأمانة.
وعاد الوزير للحديث عن وضع القطاع المنجمي الجزائري عشية الاستقلال، قائلا أن هذا الأخير كان محتكرا بين عدد كبير من الشركات الأجنبية التي كانت تقوم باستغلال مواردنا الطبيعية بصفة غير عقلانية، تتسم بنهب الثروات واستغلال العاملين في هذا المجال، مضيفا أن هذا الوضع دفع بالدولة الجزائرية آنذاك، والحريصة على إصلاح هذا الوضع وتقويمه، باتخاذ قرار تاريخي وهام تمثل في الإعلان عن تأميم كافة الثروات المنجمية في البلاد بتاريخ 06 ماي 1966، وبذلك تأميم الشركات الأجنبية التي كانت تشرف على 11 منجما رئيسيا، على غرار مناجم الونزة بتبسة ومناجم حمام أنبايل بقالمة وبوقايد بتيسمسيلت ومناجم سيدي كمبر بسكيكدة ومناجم الحديد بمليانة ومنجم الحديد بخنقة الموحاد بتبسة ومناجم مفتاح ومناجم عين أركو بتلمسان وعين بربر بعنابة، وكما تلتها لاحقا تأميم شركة كوميفوس للفوسفات لبئر العاتر _ يضيف الوزير-.
وذكّر وزير الطاقة والمناجم في كلمته بالمناسبة، بمعاناة عمال المناجم آنذاك، الذين تعرضوا إلى شتى أنواع الاستغلال والقصوى، في كل من منجم زكار بمليانة ولاية عين الدفلى، ومنجم القنادسة بولاية بشار، ومنجم الونزة بولاية تبسة، أو في غيرها من المناجم، مردفا أن هذا العهد قد ولى واندثر منذ أن اتخذت الجزائر القرار القاضي بأن تصبح هذه المناجم ملكا للدولة الجزائرية، وبالتالي ملكا للشعب الجزائري الحر، حيث سيطرت الدولة الجزائرية سيطرة فعلية على ثرواتها الطبيعية وذلك من خلال اتباع سياسة التأميم التي ساهمت بشكل كبير في تحقيق التنمية الوطنية بالجزائر.
بالمقابل أثنى عرقاب على قرارات الدولة الجزائرية لبسط سيادتها على ثرواتها المنجمية، وإعلان تأميم المناجم التاريخي في 06 ماي 1966، بعدما رفع إطارات وكفاءات مخلصين التحدي، ومكّنوا قطاع المناجم من الاستمرار في الاستغلال والإنتاج، وكسبوا الرهانات الكبرى، مشيرا إلى يقينه التام بأن الآفاق واعدة في هذا المجال، بفضل رصيد الخبرة والتجربة، وتجند إطارات القطاع وعاملاته وعماله لتنفيذ الاستراتيجية الرامية إلى مواصلة البحث والاستكشاف، وتجديد احتياطاتنا المنجمية، وتطوير مشاريع الصناعة التحويلية على غرار منجم الحديد بغار جبيلات ومنجم الزنك والرصاص بواد أميزور- تالة حمزة (بجاية) والفوسفات ببلاد الحدبة (تبسة)، ووادي الكبريت بسوق اهراس.
كما أشاد الوزير، بالإنجازات المحققة على صعيد تثمين وتأهيل المورد البشري باعتباره عاملا جوهريا، للنهوض بقطاع المناجم ضمن توجهات التزاماتنا وذلك بالاعتماد على توسيع الاستثمارات في قطاعات حيوية كقطاع المناجم والمساهمة في الدفع بعجلة التنمية الاقتصادية للوطن جنبا إلى جنب مع قطاع المحروقات، وكذا تطوير وتحديث رسم خرائط الموارد المعدنية، وإنجاز مشاريع هيكلية كبرى، وتنمية رأس المال البشري، وكله في إطار البرنامج الذي سطرته الحكومة، طبقا لتوجيهات وتعهدات والمتابعة المستمرة والدائمة لرئيس الجمهورية، عبد المجيد تبون، بشأن تنويع وإثراء الاقتصاد الوطني بشكل عام وتطوير القطاع المنجمي بشكل خاص، بهدف توفير المواد المنجمية والأولية للقطاعات الاقتصادية من خلال تنمية المشاريع الهيكلية والاستراتيجية لقطاع المناجم من أجل إنشاءِ صناعةٍ محليةٍ وخلقِ الثروةِ ومناصبِ الشغلِ، بالإضافة إلى تعليمات الرئيس من أجل تشجيع وتطوير النشاطات الفلاحية وعصرنتها، من خلال توفير اليوريا والأسمدة الفوسفاتية بمختلف أنواعها، عن طريق الإنتاج المحلي دون اللجوء إلى الاستيراد، من أجل ضمان تموين غذائي وطني دائم ومستقر لتحقيق الأمن الغذائي.
ونوه عرقاب إلى ما يمكن أن يقدمه قطاع المناجم في إثراء العديد من الصناعات التحويلية بالمواد المنجمية، مشددا على ضرورة العمل على رفع القيمة المضافة لهذا القطاع إلى مستوى أعلى بكثير، قائلا أن تقليص الواردات يوفر للدولة مئات الملايين من الدولارات ويحقق عائدات وقيمة مضافة لمختلف الصناعات كالرخام وكاربونات الكالسيوم والباريت والفلسبات والكاولين والزنك والذهب وغيرها، مضيفا أن الجزائر أطلقت برنامجا هاما لتثمين وتطوير القدرات المنجمية بالبلاد، من خلال إجراءات ملموسة على غرار الاستغلال الحرفي للذهب في ولايات الجنوب، وكذا المشاريع الهيكلية الثلاثة الكبرى، بالإضافة إلى مراجعة القانون المنجمي لتكييفه مع المستجدات التي يشهدها النشاط المنجمي وزيادة جاذبيته للمستثمرين، مع المحافظة على المصالح الوطنية.
حسناء زكري