سعيد بن عياد
القمة الثلاثية التي احتضنتها “الخضراء” هذا الأسبوع تشكل بادرة امل في إرساء معالم تكتل إقليمي يتولى زمام أمور المنطقة بما يتوافق مع تطلعات شعوبها بالنظر للاخطار والتهديدات التي تفرض تحديات تتطلب مواجهتها بروح التضامن والتنسيق والتشاور المستمر. اللقاء الذي نشطه قادة الجزائر وتونس وليبيا ترك صدى طيبا في مختلف الاوساط بالبلدان الثلاثة في انتظار ان تلتحق دولة موريتانيا لتتعزز المناعة أمام عوامل اقليمية ودولية لا يريحها عودة هذه البلدان إلى صدارة المشهد دفاعا عن مصالحها الحيوية وتحديدا للطموحات المشتركة في بناء أسس متينة للتعاون في كل ما يتعلق بالامن والاستقرار والتنمية. انها إشارة وقعها كل من الرؤساء تبون وسعيد. المنفي للتأكيد على ان الوقت حان للتكفل بالقضايا ذات الاهتمام المشترك وتحويل القواسم المشتركة إلى قوة دافعة من أجل حماية المصالح المشتركة ودرء اي خطر محتمل بالنظر للتحولات الجيوسياسية العالمية والمخططات الأجنبية التي تهدف إلى جعل منطقتنا غير مستقرة وعرضة لتهديدات لا يمكن تجاهلها. ان الجريمة العابرة للحدود والهجرة السرية وتهريب المخدرات والاسلحة والدوس على القانون الدولي والتنكر للشرعية الدولية وعرقلة الحلول السلمية للازمات ظواهر غريبة عن منطقتنا وتصب في مصلحة أطراف اجنبية لا تزال تنظر إلى المنطقة نظرة استعلاء تغذيها الايديولوجيا الاستعمارية التي تصدت لها شعوبنا على مر الزمن وقدمت التضحيات الجسام لاسترجاع السيادة الوطنية تحت مظلة التضامن المطلق. ان حالة الركود والجمود التي لطالما عطلت مسيرة التطور والنماء لا يمكن أن تستمر ومن حق شعوبنا ان تتطلع للأفضل من خلال انسجام دولها وانخراطها في مسار جديد من شأنه ان يسمح بابراز الطاقات المتوفرة وتحويلها إلى أوراق قوة توفر المناعة أمام ما يحاك من مشاريع هيمنة ذلك أن أوراق التكامل والشراكة موجودة بحيث ستسمح باختصار الزمن وتقليص المسافة ليتم انجاز الهبة التنموية المشروع. ويمكن للخبراء والمختصين في إطار لجان متخصصة واطر عمل مرنة ترجمة كل هذه الارادة الإقليمية البناءة في شكل مشاريع ملموسة تنطلق من قطاعات الفلاحة والمياه والطاقة التي تعطي للدول الامكانيات العملية لمواجهة اي خطر محتمل تشكله تهديدات قوى عالمية تسعى لتعويض خساءرها الجيوسياسية العالمية على حساب البلدان الناشئة بالزج بشعوبها في متاهات نزاعات وفتن اصبح من الضروري صدها. إن الارادة السياسية اليوم موجودة لدى الدول الثلاث للدفاع وطنيا عن السيادة الوطنية وحماية الأمن الغذائي الصحي والمجتمع ودوليا رفض التدخل الخارجي ونبذ الهيمنة والحرص على سلطان القانون الدولي وأساسا التمسك بالدفاع عن حق الشعب الفلسطيني في الحرية وإقامة دولته المستقلة ومن ثمة نبذ ورفض التطبيع مع الكيان الصهيوني الذي وجد موطىء قدم في احد البلدان بالمنطقة الذي هرول للتطبيع ليزج بشعبه في مغامرة عنوانها الخيانة في وضح النهار امر تستهجنه كل شعوب المنطقة التي تتطلع لتعزيز اواصر التعاون والرفاهية. لقد انطلق قطار التكتل الثلاثي يقوده البيان الختامي للقاء تونس الذي حدد المعالم للنهوض بالمنطقة لتكون طرفا سيدا في القرار تحرص على مصالح شعوبها.