حسناء زكري
مع حلول شهر رمضان الفضيل تزداد نسبة حوادث المرور المروعة، والخطيرة وهذا ما أرجعه خبراء ومختصون إلى العامل البشري بالدرجة الأولى، حيث سجلت مصالح الحماية المدنية الجزائرية رقما مرعبا لعدد القتلى في حوادث المرور خلال 24 ساعة (الأسبوع الفارط) فقد تم تسجيل 13 وفاة و227 جريحا في 191 حادث مرور خلال، بمعدل 8 حوادث في الساعة، وهو رقم مخيف جدا.
وفي هذا السياق يقول الدكتور امحمد كواش طبيب مختص في الصحة العمومية، خبير وباحث دولي في السلامة المرورية، في تصريحه لجريدة “العصر نيوز” أن حوادث المرور في شهر رمضان مرتبطة بالفترة الليلية، خاصة مع التوجه لزيارة الأهل والأقارب، أو التوجه للمساجد، فنلاحظ حركية مرورية كبيرة جدا، وفي كثير من الأحيان يكون السائق مرهقا، مع التخمة وغير ذلك، ما يؤدي في غالب الأحيان إلى وقوع حوادث المرور.
وتابع كواش كاشفا أن حوادث المرور في شهر رمضان ترتبط كذلك بحوادث الدراجات الهوائية والنارية، وهذا راجع للنشاط البشري خلال تلك الفترة من اليوم، مؤكدا أن حتى حوادث الأطفال تكثر في شهر رمضان مع سهرهم، وإهمالهم من طرف الأولياء في الأزقة والشوارع ومختلف الأماكن بصفة عامة.
وأضاف الخبير قائلا “نسجل حوادث المرور كذلك في شهر رمضان بالنسبة لنقل المسافرين ونقل البضاعة، فكما هو متعارف عليه يعمد الكثير من الأشخاص لأخذ عطل خلال هذا الشهر، ويتوجهون للتمتع بالشهر الفضيل في الولايات البعيدة مع ذويهم، وهو الأمر الذي يزيد من نسبة التنقل، الذي بدوره يزيد من نسبة الحوادث بشكل كبير جدا، إضافة إلى ذلك أرجع الخبير زيادة الحوادث خلال الشهر الفضيل، إلى النشاط الاقتصادي الذي ينتعش، فنجد أن أصحاب الشاحنات ينقلون البضائع شرقا وغربا، شمالا وجنوبا في ظل تعطش السوق وزيادة الاستهلاك في شهر رمضان، وهذا يؤدي إلى زيادة نسبة النشاط المرتبط للأسف مع عدم مراعاة ظروف التنقل المتعلقة بالحمولة والتعب وقلة النوم والإرهاق.
كما يجدر التنبيه إلى نقطة مهمة جدا، يقول الخبير، قد تكون حوادث المرور أكثر خطورة، ومنحنى الحوادث يكون مرتفعا، وهذا راجع إلى الصيام، إضافة إلى ما يعرف بالتقلبات الجوية، وأوضح الخبير ذلك قائلا: الصيام بالإضافة إلى ثقل المركبة والتعب والإرهاق، نضيف لهم الظروف المناخية، مثلما هو الحال مع الفترة الماضية، أين لاحظنا أن التغيرات المناخية ساهمت بشكل كبير في رفع منحنى حوادث المرور.
ونوه الدكتور كواش إلى نقطة مهمة جدا هي أن منحنى حوادث المرور سوف يستمر في الارتفاع، وخاصة في العشر الأواخر من شهر رمضان، وهي الأيام المرتبطة بالنشاط الاجتماعي تحضيرا للعيد، فالأيام الأخيرة من رمضان، يقول كواش، هي أيام خطيرة جدا بفعل النشاط الاجتماعي للمواطنين، والتحضير لعيد الفطر، فهؤلاء يستنزفون كل قدراتهم الجسدية حيث نجد الكثير من السائقين مضطرين لقطع مسافات طويلة لتمضية العيد في ولايات أخرى، والارتباط بساعات العمل يضطرهم للانتقال في الساعات المسائية مع ليلة الشك، وبالتالي نجدهم مفرطين في السرعة والتجاوزات الخطيرة ما ينجم عنه حوادث أليمة.
وأردف كواش في السياق ذاته، أن السائق إذا كان صائما فقدرته الجسدية والذهنية والفكرية تكون منخفضة، بينما قدرة السيارة لم تنخفض، بالتالي لا يكون هناك تناسب بين قدرة السائق وقدرة السيارة، وهذا ما لا يراعيه أغلب السواق.
وأضاف كواش مؤكدا خطورة السياقة بعد وجبة الإفطار، وأرجع ذلك إلى المعدة التي تمتليء بكل الطاقة التي تتوجه إليها من أجل الهضم، ما يُشعر الجسم بالثقل والنعاس، والكثير من السائقين مجبرين للتنقل لمسافات طويلة والسفر ولهذا تقع حوادث المرور كذلك بعد وجبات الإفطار.
ونبه المتحدث إلى نقطة مهمة جدا بهذا الخصوص، وهي السلوكات الفوضوية مثل السرعة الجنونية والركن العشوائي والاختناقات المرورية من خلال التجارة الفوضاوية التي تساعد بشكل كبير في وقوع حوادث المرور.
وفي سياق غير بعيد تطرق الدكتور كواش في حديثه إلى الحادث الأليم الذي وقع بولاية بجاية مؤخرا، المتعلق بسيارة الأجرة، حيث قال المتحدث أن هذا النوع من المركبات تتكرر معه حوادث المرور، محذرا في الوقت ذاته من حالة السائق المحترف، سائق المسافات الطويلة ونص الطويلة، سواءً بالنسبة لسائقي الحافلات أو الشاحنات أو حتى بالنسبة لنقل المسافرين بسيارات الأجرة، التي لا يُراعى فيها جانب الإرهاق وتراكم النعاس لدى هذا النوع من السائقين، فهؤلاء للأسف يراهنون بحالتهم الصحية ومستقبل مهنتهم، ويعرضون حياتهم وحياة ركابهم للخطر.
أما بالنسبة للحلول من أجل تجنب حوادث المرور في شهر رمضان الفضيل، يقول الخبير: يجب أن يكون هناك مخطط مروري خاص بشهر رمضان، ويكون مرتبطا بساعات الذروة، مثل فترة التسوق، فترة ما قبل وبعد المغرب، فترة صلاة التراويح، والفترة الصباحية، إضافة إلى تكثيف الحملات التحسيسية ودروس توعية المواطنين بمخاطر حوادث المرور خلال شهر رمضان وأسبابها، ويكون ذلك من خلال وسائل الإعلام المختلفة ومساهمة المساجد في التوعية والتحسيس.
جدير بالذكر أن حوادث المرور سوف تستمر في الارتفاع في الجزائر خلال شهر رمضان المبارك، وكلما اقتربنا من عيد الفطر سيواصل المنحنى ارتفاعه، بفعل النشاط الاجتماعي التحضيري لأيام العيد، وكذلك بالنسبة للسفر لزيارة الأهل والأقارب والاحتفال بالعيد مع العائلة، بالإضافة إلى الفترة المرتبطة بالعطلة الربيعية التي تزيد من النشاط البشري وتزيد من حركة الأطفال ما يزيد حتما من ارتفاع الحوادث، أضف إلى أن نهاية الشهر الفضيل كذلك تزيد من إرهاق المواطن، زيادة التعب وتراكم النعاس وقلة النوم، إضافة إلى احتمالية عودة الاضطراب الجوي، يضيف الخبير.